بعض شعوب العالم العربي والإسلامي لم يعرفوا بهجة العيد لهذا العام بل تذوقوا مرارة الذبح والتشريد، ومرارة الذكريات المؤلمة والمرعبة، وعاشوا وما زالوا يعيشون حالة مستمرة من الحقد الديني والمذهبي والعنصري، والأشد مرارة أن بعضهم يتعرض لمجازر متوالية في غاية البشاعة بعيداً عن أعين الإعلام وبعيداً عن احساس الرأي العام العالمي.
«الروهينغا» اسم قومية عرقية تنتمي إلى شعوب القارة الهندية، وتسكن في ولاية «اراكان» غربي بورما أو مينمار وتعتنق الديانة الإسلامية، وتعد في تقارير الأمم المتحدة أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم على يد الأكثرية البوذية التي تمارس ضدهم حرب إبادة بشرية منظمة بإشراف الحكومة وأجهزتها الأمنية والشرطية عبر مذابح جماعية تتم بطريقة وحشية، من القتل والحرق بالنار وقتل الأطفال والاغتصاب الجماعي، وتدمير البيوت ورمي الجثث في الأنهار والمستنقعات، وتدمير البيوت وحرقها، وممارسة التطهير العرقي والتشريد نحو جنوب بنغلادش.
وقد جاء في أحد تقارير الأمم المتحدة الرسمية أن الشعب الروهينغي أكثر شعوب العالم نبذاً، وأكثر الأقليات اضطهاداً، وتم نزع الجنسية والمواطنة منهم من خلال قانون صادر عن الحكومة البورمية عام 1982، ويمنعون من تملك الأراضي، ويمنعون من انجاب أكثر من طفلين للأسرة، من أجل الحد من نموهم السكاني، ويتم مصادرة أراضيهم ويفرض عليهم ضرائب مالية باهظة، ويتم وضع قيود معقدة على عقود ومراسيم الزواج.
وفي عملية (التنين) التي تم تدشينها على يد الجيش البورمي عام 1978م تم تشريد (200000) شخص إلى بنغلادش، وما بين عامي (1991- 1992) حدثت موجة أخرى من العنف المبرمج من الحكومة تم خلالها تشريد ربع مليون رهينجي، وقد قامت الحكومة باجبارهم على العمل بدون أجر في مشاريع البنية التحتية لدولة بورما وفي ظروف قاسية يتم فيها انتهاك حقوقهم الإنسانية بشكل مقصود ومتعمد.
مئات الآلاف من الشعب الروهينغي يعيشون في مجتمعات لجوء بائسة بدون مساعدات ودون عناية، سواء في بنغلادش أو تايلاند، وبعضهم يمكث في سفن في عرض البحر لمدة طويلة بسبب المنع من استقبالهم، وقد وصفت مجلة بريطانية أقلية «الرهينغا» المسلمة في بورما بأنهم أتعس أهل الأرض جميعاً، وهناك تقصير عالمي تجاه هذه الأقلية المقهورة، وعدم متابعة أخبارهم ونقلها إلى العالم.
لكن ما هو أشد بشاعة في هذا السياق هو تجاهل العالم الإسلامي هذه المأساة الإنسانية التي لم يعرف التاريخ البشري لها مثيلاً ولم تأخذ قسطاً من اهتمام زعماء العالم الإسلامي، ولم تأخذ حظها من اهتمام الشعوب كذلك ولا المؤسسات الخيرية والتطوعية، ومؤسسات العمل الإنساني المحض الخالي من السياسة، وهم الآن يتعرضون لموجة أخرى أشد بشاعة، حيث تم رصد تهجير ما يقارب (40000) خلال الأسبوع الماضي من شهر آب اغسطس المنصرم.
وزارة الخارجية البورمية تنكر وجود هذه الأقلية على أراضيها التي يقيم عليها أكثر من (100) عرقية، وتعيب الخارجية البورمية على مندوبة الأمم المتحدة استخدام هذا الاسم، وتقول بأن الإصرار على استخدام اسم (روهينغا) سوف يؤدي إلى تعقيد الأزمة ويعرقل طرق الحل.
نحن الآن أمام مأساة إنسانية تعد وصمة عار في جبين البشرية، وكل دول العالم تتحمل المسؤولية إزاء ما يحدث من جرائم تقشعر لها الأبدان، والأمم المتحدة ومجلس الأمن يستطيع أن يضع حداً لهذه المأساة لو أراد ذلك، والشعوب الإسلامية يجب عليها أن تتبنى قضية الشعب الروهينغي وأن تبرز قضيتهم أمام الرأي العام العالمي، وأن تتوجه للضغط على دول العالم من أجل وقف هذه المجازر المروعة، والعمل على تقديم الجهود السياسية والإنسانية من أجل التخفيف من معاناتهم واسترداد آدميتهم المهدورة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو