لا يوجد تفسير واضح لدى خصوم الغاء المادة 308 من قانون العقوبات سوى انها خطوة اردنية آثمة لارضاء العلمانيين الفجرة واسترضاء لقوى الغرب التي تسعى الى تهشيم البنية الاخلاقية لمجتمعنا الاردني بوصفهم الحريصين على امن المجتمع واخلاقه والاكثر حرصا على الدولة ومنظومتها القيمية.
التهم المعلبة والطازجة انتشرت كالهشيم على مواقع التواصل وفي تصريحات نواب ومسؤولين سابقين ونشطاء اجتماعيين، وخرجت اصوات لم نسمعها منذ سنوات لاعلان موقفها الرافض لالغاء المادة التي سترفع نسبة مجهولي النسب وترفع مستوى العنوسة وما الى ذلك من اسباب مبهمة وخارجة عن سياق التاريخ والجغرافيا دون مراعاة لابسط معايير الانسانية .
الغائب الوحيد عن المشهد، هو الضحايا، الذين لم تكشف لنا دراسة اجتماعية او مسح اجتماعي، واقعهم النفسي والمعاشي ومدى استمرار هذا الزواج الاجباري حتى يكون لدى جمهور الرافضين دلائل على صلابة موقفهم وحتى تكون لهم بيّنة على المؤيدين باستثناء تهم العلمانية والانحياز للغرب الفاجر وتحطيم الاخلاق .
في هكذا معارك اجتماعية تصمت بالعادة الاحزاب على مختلف تلاوينها بانتظار الحسم المجتمعي لاعلان موقفها وكذلك تصمت مؤسسات مدنية كثيرة عن الكلام، تاركة الساحة لأصوات فردية تلعن او تؤيد، رغم ان القضايا الاجتماعية اكثر تأثيرا في المجتمع من القضايا السياسية التي تتنطح لها الاحزاب، تاركة القوى الاجتماعية تتصارع دون ضوابط منهجية ودون اشارات هادية للطريق، فالاحزاب تريد الانحياز للفائز .
لم يسأل أحدٌ، الضحايا حتى اللحظة عن احساسهن بمهانة الاغتصاب ثم شرعنة الاغتصاب نفسه، لم يسأل احد كيف يمكن ان تضطر اسرة الى ائتمان الذئب على الحمل، وكيف تقبل اسرة ان تقوم بتزويج ابنتها الى ذئب آدمي نهش لحمها وعرضها، سوى ان نهش المجتمع اكثر قسوة من نهش الذئب البشري، فاختارت تلك العائلة الضرر الاقل وبالعادة فمعظم المُغتصبات من عائلات متدنية الدخل او متوسطة التعليم والثقافة وتقطن في الاحياء الاقرب الى الفقر وهذه كلها اسباب تدفع الى الاذعان والسُترة حسب العقل الدارج وليس الى مقاومة الجريمة .
المادة 308 فقدت انسانيتها منذ زمن بعيد وأفقدتنا آدميتنا بعد أن منحتنا ابرة تخدير للضمير، فنحن أقفلنا الملف “بزواج تعسفي” ابراء للذمة والضمير ومنحنا الذئب أحقية في استهداف الحمل بل ومكافأته على ذلك، دون مراعاة لحق الضحية في التعبير عن ذاتها والصراخ بالرفض لهذا القتل النفسي .
الاغتصاب البدني والاغتصاب الوطني صنوان، وهما اصعب مرارة من اي فعل قسري آخر، ولن نعرف تأثيراته الا اذا سمعنا من الضحايا دون ضغط او اكراه، فمجرد اغتصاب حق المرور في شوارعنا تحدث كارثة من الانفعال، واغتصاب دور أحدنا امام صراف آلي او طابور خبز او محطة وقود يرفع الضغط! فكيف باغتصاب آدميتك واحساسك وجسدك؟!.
شيطنة مؤيدي الغاء المادة 308 مفهومة من النشطاء ولن تجعلهم يندمون او يخجلون من موقفهم، فالتيار الماضوي والتيار القابل بالجاهلية التي تعتمد على الانحياز للماضي وانماطه حتى الدينية منها، لن تكسر عزيمتهم نحو انتاج آلية لجبر الضرر عن الضحية واعادة تأهيلها للعيش بكرامة ودون ملاحقة الحادثة لها نفسيا واجتماعيا ولو بدأنا ذلك منذ زمن لتخلصنا الآن من اثار هذه الجريمة التي تنتقص من آدميتنا، فكيف نرضى بزواج الذئب لضحيته، وهنا اسأل ماذا عن اغتصاب الاطفال والقاصرات، هل هذا مدان فقط وكأننا نقول للذئب أحسن اختيار الضحية فقط ؟ ثم ماذا لو اغتصب احد اتباع ديانة فتاة مخالفة له في الدين هل سنقبل بالزواج حلا ؟
نعم، لالغاء المادة 308 وشكرا للحكومة والنواب على هذه الخطوة “فقط” ونعم لمزيد من مدنية الدولة والتفكير بخطوات تحمي الضحية ونعم لإعادة تأهيل الضحايا اجتماعيا ونفسيا ودعم المجتمع لهن او لهم .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو