ربما لا يكفي أن نعد العدة لأطفالنا؛ كي يعيشوا عطلتهم الشتوية بمرح، بل من الأجدى أن نعيش طفولة أطفالنا، أن نعيشها ونكبر معهم من جديد. فمن قال: إن كل الآباء قد أكملوا نصاب طفولتهم؟!، أو اجتازوا كل متطلبات تخرجهم في أجمل مساحات الحياة؟!، ثم من قال، إننا شفينا من التسمم الحنيني لطفولة ما زالت طازجة فينا؟!. من قال، إن الطفولة في الإنسان تكبر، أو تعترف بسقف للعمر؟!.
وكمتطلب إجباري في العطلة الشتوية طلب مني الأولاد أن أشتري لهم كمية كبيرة من القلول (كرات زجاجية ملونة)، وتسمى البنانير أو الدواحل، فوافقت دون تردد، متواطئاً مع هذه الصدفة السانحة، فقد كهربني الحنين للقلول، فاستعدت خرخشاتها الثقيلة في جيوب سراويلنا الساحلة، أو في فردة جورب قديم، حين كنا نجتمع في عري المطر. وللآن، لا أعرف لماذا كانت هذه اللعبة لا تحلو إلا في مربعانية الشتاء، ولا أعرف لماذا تنتقل من الآباء للأبناء بعدوى أجهل سرها؟!.
كنا لا نركن إلى دفء البيوت، فالبرد لا يحجبنا عن الحارات والأزقة والأصدقاء، نلتقي على صوت جرس خفي يجرنا من آذاننا الباردة، وكل في جيبه ثروته الحقيقية (القلول)، فقد كان عددها المقياس الحقيقي للثروة والتباهي، كنا نهرب من البيوت، رغم وعيد الأمهات بصفعات ستليق بجلودنا المزرقة برداً؛ إن عدنا متسخين، ولكننا لا نتذكر العقوبة الساخنة؛ إلا حين نعود موحلين بالطين، ولكننا ملتهبون كجمرة ملول من فرط سعادتنا، لا نبالي بشاحنة صفعات!.
وإذا كان أصدقاء الطفولة، يجتمعون في كل صيف حول حفل شواء، وحفنة ذكريات مضحكة، ففي رأسي موال أود أن أرندحه في هذا الشتاء، موال لن يوافقني عليه بعض منهم بحجة الوقار، ولكني واثق أن كثيراً منهم سيأتون على صوت جرس خفي يجرهم من آذانهم الباردة، وجيوبهم عامرة بالقلول لنقيم لعبتنا الآثيرة.
في نهاية اللعبة سنعرف من مطت فردة جوربه للأسفل من ثقل أرباحه، وسنكشف من كان يغش أو يسرق الآخرين، حين ينحنيون لنقف (القل). سنعدد خساراتنا الكبيرة، ومرابحنا الصغيرة، سنحسب كم أخذتنا الحياة، وإلى أين باعدت بيننا المدن، وكيف فرقتنا المشاغل؟!.
أيها الأصدقاء سنعي أكثر أن الربح الكبير، أننا ما زلنا على قيد الحب. نعيش طفولتنا وطفولة أبنائنا، ولو شابت منا الذوائب، هذا إن ظل هناك ثمة ذوائب. المهم أن يبقى الطفل في داخلنا حياً. فكم يخسر من مات طفله الذي بداخله.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو