الخميس 2024-12-12 01:45 ص
 

علي الحسبان .. انتصار الامل

03:37 م

الوكيل - بداية , هذه قصة مشرقة لشاب اردني هزم السرطان مستندا الى عوامل ومرتكزات اساسية . اضافة اعلان


ان الايمان بالله ثم امتلاك الارادة الفولاذية وقوة التحدي وارتفاع الثقة بالنفس , اضافة الى دعم الاهل والاصدقاء والمحيطين ... كل ذلك شكل المدخلات التي توفرت بمشيئة الله للمهندس علي ابراهيم الحسبان , وهو زميل لي يشغل موقع مساعد مدير الاعلام والتسويق في احدى الجامعات الاردنية .

مهما بلغ الانسان من القوة او الضعف فهو محكوم بارادة الله تعالى , والقضاء والقدر وما كتب على الفرد في اللوح المحفوظ , يقول الرسول الكريم : ' ان الله اذا احب عبدا ابتلاه ' , والابتلاء انواع واصناف , فهناك ابتلاء في الصحة وفي المال وفي الابناء او البنات او في العمل والرزق ... لكن وفي كل الاحوال , يمدنا الله تعالى بالعتاد والزاد لمواجهة الابتلاء , ويتمثل الزاد والعتاد اساسا بقوة الارادة المستمدة من الايمان بالله تعالى .

علي الحسبان اصيب في بداية العام الماضي بمرض السرطان , وكان التشخيص بداية في احدى مشافي محافظة الزرقاء بان ما يعاني منه هو مجرد التهابات ومعاناة من العصب السابع , وتم وضع طبيب مختص بالامراض الباطنية لمتابعة حالته التي لم تتحسن رغم وجوده بذلك المشفى , فكان رأي الاهل والاصدقاء بضرورة نقله لمستشفى متقدم في عمان وباشراف طبي متميز , وهذا ما حدث بالفعل ,حيث اسفرت الاجراءات الطبية عن تشخيص الحالة بدقة متناهية كاصابة بالسرطان ليصار الى تحويله الى مركز الحسين للسرطان' ,

كان عقلي جاهزاً لاتخاذ قرار حاسم بشن حملة مقاومة وحرب ونضال من أجل هزيمة هذا العدو الفتاك.

وأخذت القرار اعتماداً على مبدأ أن السرطان لا يعني نهاية الحياة، وأنني قادرٌ على هزيمته، الأمر الذي جعلني أنشر الخبر لأهلي وأصدقائي، وتناولته في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مباشر وواضح وصريح ' ...

قالها المهندس الحسبان لي عند زيارته في اول يوم له في مركز الحسين , احسست اصرارا وعنادا كبيرا لديه , بل ان جموح ارادته الحديدية وثقته المطلقة قبل ذلك بالله الواحد الاحد جعلته يستشرف افق الشفاء الذي انعم الله به عليه بنسبة مرضية وليست كاملة .

بعد معاناة كبيرة استمرت حتى منذ بداية العام الماضي ولثلاثة اشهر متواصلة من العام نفسه , تجربة مؤلمة رواها لي المهندس الحسبان عندما ارتفعت

حرارته الى 40 ونزل ضغطه الى 18 وكان شقيقه حمزة معه يمرر اكياس الثلج على اجزاء جسمه المختلفة لتخفيض الحرارة . , ولكن بلا جدوى مما اضطر الاطباء لانزاله لغرفة الانعاش ICU , واصبحت عظام جسده تتحرك ذات اليمين وذات الشمال اثر ارتفاع الحرارة الشديدة فصلى لله تعالى صلاة العصر وهو نائم بالسرير كعادته متيمما بحرامه , ولكن ارادة الله ولطفه ادت لانخفاض الحرارة في صبيحة اليوم التالي , فقرر الاطباء بعد يومين خروجه لزيارة اهله في المفرق حيث انطلقت الزغاريد مترافقة مع صوت اطلاق الرصاص ابتهاجا بعودة الابن الى بيته وابيه وامه وزوجته واطفاله واخوانه , لكن المفارقة ان كثرة المهنئين والقبل الاجبارية على الوجنتين من المحبين المهنئين بسلامة العودة ادت لنتيجة عكسية حيث ارتفعت في مساء ذلك اليوم حرارة جسمه لمستويات قياسية لم تجعله يهنئ ( باجازته ) التي اخرجه بها المركز لمدة 48 ساعة , فهو لم يمض سوى ساعات معدودة عند الاهل , فكانت مباشرة طريق العودة الى عمان حيث مركز الحسين , وخلال الطريق بسيارة والده كانت الآيات القرآنية تصدح في اجواء البكب , وكيس الثلج في يده مع دعوات يبثها المهندس الحسبان يبتهل فيها لله تعالى بأنه لم يخرج للتو من الم
ركز لرؤية الاهل الذين لم يرتوي من مجالستهم ورؤية طفليه الاعز على قلبه , وكان ان لبى رب العزة دعائه فور وصوله طوارئ مركز الحسين للسرطان حيث رجعت حرارته لطبيعتها بحدود 37 درجة مما جعل الاطباء يسألونه مستغربين : لماذا جئتنا ووضعك الطبي وحرارتك عادية ؟! فقفل عائدا نحو المفرق مكللا بحمد الله وفرحة المحيطين به لكونه سيقضي المزيد من الايام بينهم قبل عودته للمستشفى لاستكمال العلاج .

العلاج الكيماوي الذي يدمر الخلايا السرطانية فعال جدا باذن الله ولكنه مدمر ايضا للخلايا الطبيعية مما يسبب انخفاض المناعة , كما ان الاستشاري الماهر بامراض الدم د. محمد الدويري قال للحسبان ببداية دخوله المركز لاول مرة ان العلاج الكيماوي يحرق الاخضر واليابس وله تأثير كبير باحتمالية مرتفعة من ناحية ان يكون للانسان ابناء وبنات جدد عارضا ان يجمد ويحفظ حيوانات منوية للحسبان قبل البدء بالعلاج الكيماوي , فأجابه الحسبان : كل الاحترام لرأيك الطبي لكن تابع علاجي بغض النظر عن ذلك لان هذه المسألة ضمن قدرة الله وانا متوكل عليه , إن تحمل جرعات الكيماوي مشكلة كبرى واجهها الحسبان بالالتزام بالتعلق الدائم بذكر الله كما كان يتقيد بتعليمات الاطباء .

لا يخفي الحسبان الألم الذي تعرض له خلال بعض الفحوصات الطبية الضرورية وخاصة عندما يتم أخذ الخزعات من اسفل العمود الفقري للتأكد من سلامة تطور الحالة وقربها من الشفاء .

أسرة مركز الحسين للسرطان حفرت في ذهنية المهندس علي الحسبان نقوشا جميلة مفعمة بالمحبة والصداقة وبراعة الانجاز , خاصة الفريق الذي اشرف على علاجه ...

فهو يصف الدكتور صلاح عباسي رئيس قسم اللوكيميا واستشاري امراض الدم بالعلامة الفارقة في ميدان الطب , ولا ينسى الحسبان كادر التمريض في قسم اللوكيميا الذين يسمو رقيهم وتعاملهم الانساني في عنوان سلوكهم اليومي مع المرضى , ولم يبخلوا بجهدهم ودعمهم النفسي مع الجميع .

خلال فترة مرضه ووجوده في مركز الحسين للسرطان استمر المهندس الحسبان عبر الانترنت - رغم المعاناة ولكن بقوة الايمان والارادة - بادارة موقعه الالكتروني الاخباري'الاثير نيوز ' وبمهارة اعلامية ملحوظة .

منذ بداية العام الحالي ينعم الحسبان بالصحة والعافية التي كرمه الله بها , ويلهج بالدعاء ان يديم الله اسرة مركز الحسين للسرطان , هذا الصرح الطبي الاردني العالمي الذي نباهي به الدنيا باسرها , مستذكرا الاسم الجليل الذي يحمله المركز , ويردد دائما : بالامل يحيا الانسان وبالايمان ينتصر , مستمراً بالدعاء لله تعالى بان يشيفيه شفاءا تاما غير ناقص عاجلا غير آجل.


فراس الحمد - كاتب وباحث


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة