عمتي مِـشْخَص

هي التي أهربُ منها و أهرب نحوها .. هي التي كانت ستجعل كل طعامي فطوراً و غداء و عشاء ( بصلاً و خبزاً) ..قالتها بلحظة نادرة مليئة بالحب و الخوف علي ..و كثيرة هي اللحظات النادرة عند (عمتي مِـشْخَص ) ..!

أول أمس ذهبتُ إليها ..ما أجمل حديثها ..هي هي ..مشخص التي كانت قبل أربع و أربعين سنة ..هي التي كنت وأنا أحبو و تسمع بكائي كانت تقول : شوفوا (العيّل) ؛ الولد ممغوص و أنتن يا نسوان تتفرجن عليه ..!

هي هي .. مِـشْخَص ..التي شكت لي أول أمس من زيادة وزنها ..صار خمسة وستين ..وقالت : تصدق يا عمّة وأنا حامل بـ(عمر) كان وزني خمسين بس ..وعمر ولدها الآن تجاوز الأربعين ..!
هي هي ..بألقها ..و حرفها للكلمات ..قال لي أول أمس وهي تحكي قصة أحدهم دخل في غيبوبة : يا عمّة و دخل في (غبّوبة) تقصد غيبوبة ..و(غببتُ) أنا من الضحك ..! وهي هي وهي تقول لي : الدكتور (الأوثري) بدلاً من اللوثري ..تذكرني بأمّي وهي تخلط في كلمات و عندما قالت لي أوّل أمس أيضا : (بيزدا) بدلاً من (بيتزا) ..!

يا لنسائنا الجميلات ..! يا لعمتي مشخص التي تخاف عليّ و ترسل لي خوفها مع كلّ (طارش) ..ولا زلتُ أتذكر جملتها التي هزّتني قبل ثلاثة شهور و أبكتني حينما قالت لي : يا ربّ ما أموت قبل ما أصوتلك بالانتخابات ..!!

عمتي مِـشْخَص ..التي تتجاوز الثمانين قمراً الآن ..و التي تمسك بتفاصيل الأيام الخوالي ..والتي تنثر طيبةً و حنيّة على كلّ من يعرفها ..و التي قضيتُ معها ساعة ونصف من أجمل أوقاتي ..تقول جملتين ثم تقول لي وهي تريد أن تنهض : خليني أعملّك شاي ..و أنا اردها لمطرحها ..ثم تقول قليلاً و تقول وهي تنهض : يا عمّة خليني أجيبلك زيت و زعتر ..فأردها لمطرحها ..ثم تمرّق الوقت قليلاً و تقول : اسمع عندي بيضة مسلوقة خليني أقوم أجيبلك إياها ..و أردها لمطرحها ..! وكل شوية تحاول النهوض وهي تقترح شيئاً تقدمه لي ..

وأنا لا أريد سوى أن تستمر في كلامها و سواليفها النادرة ..وأريدها أن تخضّني كمان و كمان ..!
الله يطوّل عمرك يا عمّة ..