السبت 2024-12-14 02:48 ص
 

عيسى: العامري أخلص للوحة أكثر من القصيدة

07:14 م

رأى د. راشد عيسى أنَّ أهمية التجرية الشعرية عند محمد العامري تمضي في ثلاثة اتجاهات، تتخذ من ميراث الطفولة وفضائها الخيالي محورا لها. وأضاف انَّ الاتجاه الأول هو في استثمار هندسة اللون بتشكيل المعنى الشعري، والثاني في أثر الصورة البصرية الطفولية، خاصة المكانية منها في الصورة الفنية العفوية التي تجسد الحنين للمكان وهو ما يسمى بالنوستالجيا.اضافة اعلان

أما الاتجاه الثالث عند العامري، فيبرز، وفقَ عيسى، في ميكانيزم السرد الشعري لتبدو بعض القصائد، خاصة في بيت الريش حكايا أو مشاهد قصصية تروي أنماطا من دهشة الطفولة وغرائبيتها وذهولها أمام براءة الأمكنة.
وأكد في ندوة نظمَتْها رابطة الكتاب الأردنيين أول من أمس ضمن 'لقاء الأربعاء'، تحدث فيها عن تجربة الشاعر والفنان التشكيلي محمد العامري، وأدارها الشاعر جميل أبو صبيح، أنَّ الاتجاهات الثلاثة تسترجع الزمن الطفولي، وتُعيدُ إنتاجَهُ في تشكيل فني جديد يمكن تسميته 'سيرة ذاتية شعرية'.
وقال عيسى إنَّ 'العامري يُعَدُّ غصناً من أغصان شجرة أدبية في الأسرة العامرية نعرف منها اشقاءه، وهم شعراء ورسامون نشأوا في بيت قروي محنك سريع البديهة، لهذا البيت جناحات أحدهما ممتد إلى ماء نهر الأردن يرف عليه ويلاعبه، والثاني جناح يواسي أنين الجبل'.
وتابَعَ 'تبرعمت طفولة العامري في هذه البيئة التي تلاوع الحياة'، مشيراً إلى أنَّ العامري منذ تلك اللحظة أصيبت طفولته بالذهول والانخطاف. وذكر أنَّ طفولة العامري كانت في تلك الأجواء 'ممسوسة باللون باتجاه الفن التشكيلي ومشعوذة بالكلمة تجاه القصيدة، فعرفناه فنانا تشكيليا وشاعرا في آن معا مثله مثل كثير من الفنانين ذوي المواهب المتعددة'.
وقال عيسى 'إن ما يجمع بين الشاعر والرسام عند العامري طفولة التصوير الانفعالي'، مبيِّناً أنَّ الطفولة ميراثٌ غنيٌّ باللعب والحرية والحلم والغرائب والأعاجيب، وإخراج الأشياء عن عاداتها المأنوسة.
واستثمَرَ العامري، وفقَ عيسى، مرحلة طفولته وراح يُعيدُ إنتاجَها في نصه الشعري ليكسبها معاني اخرى ودلالات تنسجم مع مخياله، مبينا أنَّ الشاعِرَ قدَّمَ في ديوانيه 'معراج القلق'، و'خسارات الكائن' نصوصا 'جديرة بالاحترام'. واستدرَكَ أنَّ شعرية العامري في ديوانيه 'الذاكرة المسننة'، و'قميص الحديقة' كانت 'أصدق انفعالا وأعمق سيولة مائية في الوجدان، وأقرب إلى خصائص الشعر الصافي'.
ورأى عيسى أنَّ الشاعرَ عند العامري استفادَ أكثر من الرسام فيه، ذاهباً إلى أنَّ الثقافة البصرية التي تشبع بها في طفولته 'رنخت ذائقته اللغوية، وجعلت الصورة الفنية قريبة المنال مطواعة للتعبير بالكلمات'.
وقال إنَّ ديواني 'الذاكرة المسننة' و'بيت الريش' قدَّما مشاهد ومواقف وانطباعات نقشَها العامري في مخيلته الطفولية، ثمَّ راحَ يُعيدُ إنتاجَها في شخصية شعرية جديدة.
وأضاف عيسى 'عندما نقرأ الديوان إنَّما نقرأُ سيرة ذاتية شعرية للزمن الطفولي المحمل بأعباء الأسئلة وجدائل الدهشة، وهي سيرة تضيء في جداولها أنماطاً من الحياة العفوية البرية لدى العائلة العامرية، وتوثق بالشعور وليس بالعقل نماذج متنوعة من اليوميات والتفاصيل التي قامت الطبيعة بالمشاركة في بطولتها مشاركة رئيسة'.
ورأى أنَّ العامري لم يكُنْ معنياً بالحدث من حيث صبغته البشرية أو تعالقه مع الإنسان، بقدر ما جعل الكائنات تعبِّر عن جماليات إنسانيَّتِها وبلاغة فاعليتها الفنية، منوِّهاً إلى أنَّهُ يعودُ بكامل وعيه وقلقه الى مهاد طفولته القروية ليجدد إنتاجَ تلك الشواهد المكانية من خلال علاقتها بوجدانية ومخيال ريشته ونباهة قلمه.
وأوضَحَ أنَّ العامري أخلَصَ للوحة إخلاصاً مضاعفاً عن إخلاصه للقصيدة، مؤكداً أنَّهُ يمتلكُ مخيِّلَةً تصويريَّةً شجاعة، مستدركاً أنَّهُ متباطئ في اقتراح صيغ لغوية شعرية تحمل القصيدة إلى سقف فني أعلى وأبلغ تميزا وإثارة.
وخلصَ إلى أنَّ اللغة الهدف الجمالي الأول في الشعر، لافتا إلى أنَّ العامري لا تنقصه حساسيته الجسورة تجاه صناعة المداميك التعبيرية الرائقة، لكن تنقصه المواظبة على إشعال هشيم اللغة مثلما يفلسف اللون ويحرج مشاعر الريشة في لوحاته الفنية.
بدوره، قرأ العامري قصيدتين من ديوان تحت الطبع الأولى بعنوان 'إهداء إلى حصان جدي'، والثانية 'كأنك'، ومنها: 'كأنك، كأنك في وردة الليل ليل، كأنك ماء الكولونيا ونهر بكى عمره في الجرار، كسارية كسرت ظلها في كؤوسي، قال لي قلبها أنت في سهو الشمول وأنت فراغ بلا شجر أو طيور'.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة