الأربعاء 2024-12-11 11:10 ص
 

عيون المجتمع أصبحت أقوى .. !

07:05 ص

لا يستطيع اي مسؤول ان يتكتم على المعلومة، وحتى حين يضعها في “خزانة” الاسرار، ويخفي في جيبته مفاتيحها، فإن انكشافها هي مسألة وقت، واذا انكشفت على اجنحة تحليلات صادمة، او اشاعات عابرة، فإن مصارحة الرأي العام بفتحها قد يبدو سهلاً، لكن اقناعه بعدم صحتها مسألة صعبة ومكلفة وغير مضمونة النتائج.

اضافة اعلان


فيما مضى، كانت “التغطية” على المعلومات واحتكارها، لأسباب مختلفة، فكرة رائجة ومقبولة لدى المسؤولين، وحتى مع وجود قانون حق الحصول على المعلومات فإن النتيجة لم تتغير، اذ يحتاج الصحفي الى رحلة طويلة قد تستمر شهوراً وربما لا يحصل بعدها على ما يريد، لكن مع ثورة الاتصالات وما جرى على مجتمعنا الصغير من تحولات، تغير الواقع كثيراً، ووجدنا انفسنا امام خرائط مكشوفة ومزدحمة بالمعلومات، بعضها صحيح والاخر مجرد اشاعات، لكنها في المجمل استطاعت ان تكسر دوائر “الاسرار” وتضع الناس امام حقائق شكلت لبعضهم صدمة وللآخرين مجالاً للتندر والسخرية.


لدينا نموذجان حفل بهما الاسبوع المنصرف، احدهما يتعلق بتصريحات لأحدهم في الاقتصاد حول أسعار المشتقات النفطية، والآخر مقال لأحد الكتاب تحول الى مذكرة نيابية حول فاتورة الكهرباء، التفاصيل –بالطبع- معروفة، لكن اللافت ان الردود التي وردتنا من الجهات الرسمية جاءت سريعة، وبمجرد صدورها بهذا الشكل يدل على ان المسؤولين في بلادنا ادركوا –اخيراً- ان اعتماد منطق الصمت والاهمال وعدم الرد على ما يتداوله الناس من معلومات لم يعد صالحاً للاستخدام، كما ان ترك المجتمع اسيراً لما يتردد فيه من أحاديث دون التدخل لتوضيح الحقيقة سيلحق الضرر بالجميع.


لا بد ان يكون للدولة “مطبخ” يتمتع بالكفاءة والمصداقية، بجيث تبدو الرواية الرسمية ممثلاً وحيداً لخطاب الدولة، ويكون هذا الخطاب سريعاً ومتماسكاً ومقنعاً للمجتمع، وهذا يحتاج الى كسر الحواجز بين المؤسسات وتوثيق العلاقة بينها، بحيث تقوم كل جهة بواجبها، وتتولى التنسيق مع غيرها.


وظيفة هذا المطبخ لا تتعلق “بالأزمات” فقط، وانما تتجاوزها الى تقديم الرواية الرسمية لكل قضية تشغل الرأي العام، بمنطق الاستباق او الرد اذا لزم الامر.


لنعترف ان عيون المجتمع اصبحت قوية، سواء بفعل الضغوطات التي يتعرض لها، او بسبب الاعلام الجديد الذي فتح هذه “العيون” على كل شيء يدور حولها، ، وبالتالي فإن من واجب الدولة ان تبادر الى “بناء” خطابها العام ليكون معبراً عن قيمتها ومواقفها، ومع ضمير الناس وقضاياهم، والّا فإن البديل هو رواج خطابات شعبية متحمسة احياناً، ومتضاربة احياناً اخرى، لكنها ستجد من سيصدقها ويأخذ بها، واذا حدث ذلك فإن محاولة الرد عليها او ابطالها سيحتاج الى جهد كبير، او انه –ربما- لن يكون مجدياً.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة