الأربعاء 2024-12-11 09:35 م
 

‘غرفة ابي’ لعبده وازن: رحلة ابن يبحث عن أب أصغر منه!

10:48 ص

الوكيل - يمضي الشاعر والكاتب اللبناني عبده وازن في روايته الجديدة ‘غرفة أبي’ في تجربته السردية التي كان بدأها في روايته السابقة ‘قلب مفتوح’ الصادرة عام 2010.اضافة اعلان

تجربة وازن خاصة جدا لكونها تجمع بين الفن الروائي والسيرة الذاتية. والمؤلف لا يكتب سيرته وفق الطريقة المعروفة القائمة على السرد المتتابع والمتدرج زمنيا بل يسعى الى دمج عناصر السيرة الذاتية في سياق سردي وروائي يتحول فيه الى راو يتخطى مهمة كتابة الوقائع الحياتية التي عاشها. وقد أضفى الكاتب على روايته الجديدة بعدا تجريبيا منطلقا من معطيات السيرة الذاتية ليفتح أفقها أمام احتمالات السرد الحر الذي يدمج بين الواقعي والمتخيل.
يسرد وازن في هذه الرواية الصادرة حديثا عن (منشورات ضفاف-بيروت) و(منشورات الاختلاف-الجزائر) سيرة مزدوجة.. سيرته الذاتية متقاطعة مع سيرة أبيه الذي يكاد يجهله ويسعى الى التعرف اليه ورسم صورة له من خلال ذكريات الآخرين عنه وحكاياتهم ومنهم الأم والأصدقاء الذين مازالوا على قيد الحياة ثم عبر الاثار الصغيرة التي تحكي عنه ولاسيما منها الصور بالأسود والأبيض التي تشير الى نواح كثيرة من حياته وأخباره والامكنة التي عرفها.
وسيرة الأب هنا لابد لها أيضا من أن تتقاطع مع سيرة بيروت نفسها التي عاشت الحرب عام 1958 وشهدت الكثير من الازمات والتحولات حتى الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى عام 1990 وما تلاها من مآس.
ويستعيد الراوي في الرواية التي تقع في 244 صفحة من القطع المتوسط هذا الماضي ويمعن في رثائه ومديحه. الا ان المفارقة تتبدى هنا في كون الابن أصبح أكبر من أبيه الذي رحل في عز شبابه. إنه الآن الابن الذي يبحث عن أب بات أصغر منه عمرا.
وترسيخا لهذا النوع من سرد السير الذاتية يعتمد الكاتب تقنيات عدة مثل مخاطبة الأب عبر رسالة يكتبها اليهوالمونولوج والتقطيع المشهدي والسرد داخل السرد والتأمل وسواها.
وخلال هذه السيرة الذاتية المتعددة المرجعيات يبحث الراوي عن صورة الأب كما تجلت في كتب روائية وسردية عربية وعالمية طالما شغلت الكاتب بما تحمل من ملامح مستعارة للأب المفقود. ومنها سيرة الاب كما وردت في مذكرات الروائي سهيل إدريس وفي رواية ‘الخبز الحافي’ للكاتب المغربي محمد شكري وفي مذكرات المفكر إدوارد سعيد وفي أعمال كتاب أجانب مثل التشيكي فرانز كافكا والروسي دوستويفسكي والايرلندي صموئيل بيكيت والامريكي بول أوستر والفرنسي جان بول سارتر والبريطاني روديارد كيبلنج. إنها رحلة عبر الذاكرة والمخيلة في وقت واحد.. عبر الذات والكتب. يقول الكاتب وازن لرويترز عن هذا الأسلوب الروائي الذي اختاره ‘هذا النوع يتيح لي أن استوحي سيرتي الذاتية أو عالم الذات بمشاعرها وأحاسيسها وهواجسها وأن أسبكها في سياق روائي حر ذي بعد حي واقعي وخيالي. وهنا أستطيع أو اوظف خبرتي الشعرية ولاسيما عبر اللغة والاسلوب اللذين أمنحهما اهتماما كبيرا’. وعن اختياره الفن الروائي وهو المعروف كشاعر له موقعه الخاص في موجة الشعر الجديد قال ‘لم أتخل أبدا عن الشعر ولدي ديوان جاهز الان. الشعر هو الروح فهل يمكن التخلي عن الروح؟’.
ومضى يقول ‘مهما قيل عن سيطرة زمن الرواية وانحسار زمن الشعر فإن الشعر يظل في المقدمة بالنسبة الي على الاقل. لكنني أحب النثر كثيرا ووجدت ان الرواية هي حقل واسع للكتابة النثرية وهي بالتالي قادرة على أن تستوعب الكثير من القضايا والامور التي يفرضها عصرنا والتي يعجز الشعر عن استيعابها بسبب طبيعته الشفافة وطابعه الوجودي وكثافته’.
عبده وازن شاعر وناقد لبناني من مواليد العام 1957 ورئيس القسم الثقافي في جريدة ‘الحياة’ الصادرة في لندن وقد حاز جائزة الصحافة الثقافية التي يمنحها نادي دبي للصحافة 2005 وجائزة الشيخ زايد لأدب الناشئة عن روايته ‘الفتى الذي أبصر لون الهواء’ عام 2012. شارك وازن في تحكيم مسابقات وجوائز أدبية ومسرحية ومن مؤلفاته ‘الغابة المقفلة’ (1982) و’العين والهواء’ (1985) و’سبب آخر لليل’ (1986) و’حديقة الحواس′ (1993) و’أبواب النوم’ (1996) و’سراج الفتنة’ (2000) و’نار العودة’ (2005) و’حياة معطلة’ (2007) و’قلب مفتوح’ (2010). (رويترز)


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة