وحدهم الخونة والمشبوهين الذين يطعنون اهل غزة في ظهورهم، ويحاولون التقليل من اهمية هذا الصبر وهذه البطولة الفذة، التي تقول فعليا ان غزة دولة عظمى تواجه دولة متوحشة.
لا احد ينكر ذلك، لكن غزة ليست دولة عظمى في المطلق، اذ ان احاطتها بملايين العرب والمسلمين الذين يهللون لبطولاتها وصبرها واهانتها للعدو، امر غير كاف ابداً، الا اذا كانت الدموع بديلا فعليا عن المساندة على الارض.
حذار من التورط فيما تورط فيه اغلبنا، اي توكيل غزة بهذه الحرب وحيدة نيابة عن مليار عربي ومسلم، والاكتفاء بالتفرج عليهم، وعدم الوقوف لحظة عند منسوب احتمال الغزيين، فهم بشر اولا واخيرا، الا اذا كان البعض يريد ان يحرقهم جميعا، باعتبار ان هذا تأكيد على البطولة في جينات الغزيين، وثبات على الواجب، ولايصح للغزيين ان يتألموا أو..ان يعيشوا.
معنى الكلام ان من يراقبون من بعيد يريدون من غزة كل شيء، ولا يريدون منحها اي شيء،وكل هذه الشعوب الغاضبة، تريد ان توكل غزة بالبطولة والفداء، ولا تريد سقفا بشريا انسانيا لقدرتهم على الاحتمال في هذا العدوان، خصوصا، في ظل عدم وجود انفراجات سياسية، وتوافق الجميع على حرق غزة، بمن فيها.
غزة ليست دولة عظمى، فهي في نهاية المطاف مدينة وفيها بشر، ولديهم امكانات وجدانية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، لديهم سقف كما كل البشر للدم ، وسقف للاحتمال، والذين يعتبرون هذا الكلام تخاذلا، يتناسون انهم في مرات لا يحتملون خسارة دينار واحد في تجارة، فيما الغزيون يصيرون ابطالا لان اولادهم يستشهدون وبيوتهم تدمر، واللاجئون في غزة من فلسطين ثمانية واربعين، يتشردون من جديد في موجة لجوء اسوأ من الاولى، لان الهجرة هنا من حي محروق الى حي محروق او ينتظر دوره،والتوقعات تتحدث عن ربع مليون شخص باتوا بلا بيوت او اشباه بيوت.
صرخات الغزيين كما في التلفزة كلها تسأل عن العرب، وكلها تحمل المسؤولية للعرب، وتحليل الكلام يقول ان الغزيين يبرقون رسالة حساسة، مضمونها، اننا لوحدنا غير قادرين على مواجهة كل هذا العدوان القذر، ونحن وحيدين فرادى، والغزيون هنا، لا يبرقون ضعفا ولا استسلاما ولا هزيمة ولا تراجعا، لكنها طبيعة الدنيا والبشر، فأنت بحاجة لمن يساندك.
هذا يأخذنا الى الاستخلاص الاساس، غزة بحاجة الى من يخاف الله فعلا، ومن لا يواصل تثبيتها فقط في قالب البطولة وحيدة منفردة، بحيث تدفع الثمن وحيدة.
هي هنا بحاجة الى الفلسطينيين في كل فلسطين، في الضفة والقدس والثمانية والاربعين، لتخفيف الضغط عنهم، فليس من العدل ولا من قدرة البشر ان يبقوا فرادى في هذه المحنة.
هم ايضا بحاجة الى العرب دعما على كل المستويات، لان الحرب ستتوقف في نهاية المطاف، ومن حق الذين خسروا بيتا ان يبنوا بيتا آخر، ومن خسر عمله ان يسترد عمله، ومن حق من فقد اي شيء ان يستعيده، فيما الشهداء امرهم عند الله محسوم.
الذين يتورطون بحسن نية في تثبيت غزة بصورة البطولة التي لا حدّ لها فقط، يتناسون ان هناك انسان في غزة، لديه مشاعر واحتمال، وانسنة غزة، امر مهم مثلما هو ترسيمها في خانة البطولة، وترسيم البطولة دون انسنة للمشهد، يعني التورط في قبول حرق الغزيين، باعتبارهم ابطالا فقط، لا يصح منهم غير ذلك، ولو من باب استراحة المحارب.
مصيبتنا في اولئك الذين يريدون الانتصار، فيما يتناسون ان غزة في نهاية المطاف ليست دولة عظمى، وهي عبر ادائها المشرف الذي يرفع الرأس حقا، كانت فوق الدولة العظمى، لكننا لا نريد الاسترخاء لهذا الانطباع لتركها الف عام في هذه المحرقة وحيدة، باعتبارها لا تتعب ولا تتألم ولا تستحق مسحة حنو على رأسها، او استراحة محارب.
غزة في نهاية المطاف، بشر وحياة واقتصاد وصحة وتعليم وماء وكهرباء، وحين يغيب كل هذا، يصح السؤال:الا يحق للغزيين انسنة صراعهم، ام انهم بشر بلا حدود في نظرنا؟!.
الثمن الذي دفعته اسرائيل في هذه الحرب، يقول ان التضحيات في غزة لم تذهب هدرا، لكننا ايضا نقول لكل من يتفرجون ويقدمون لنا هذا الاستخلاص الصحيح، ان علينا ان نتذكر الانسان المظلوم في غزة، وان لا نتورط باعتبار ان المطلوب منه التضحية وحيدا، ودون سقف لهذه التضحية، فنحن امام بشر في نهاية المطاف.
والكلام مفرود بحسن نية للنقاش!.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو