لقد دخلنا في مربعانية الشتاء، والمربعانية كما يقول أجدادنا إذا دخل موسمها وكانت السماء تمطر فمعنى ذلك أن تباشير الخير قادمة وأن هذه السنة ستكون سنة خير ورحمة من رب العالمين ويستبشر لذلك الفلاحين خيراً بأن موسمهم الزراعي سيكون على خير ما يرام.
في المربعانية يكون هناك أجواء خاصة في بيت الأردنيين أجواء تختلف عن كل الأجواء (فصوبة البواري) مشتعله طول اليوم نظراً لبرودة الجو الشديدة ولوجود الأولاد في البيت طوال اليوم يدرسون لامتحانات نصف السنة التي طرقت الأبواب مع (المربعانية)، في هذه الأجواء يجلس الأب بالقرب من (صوبة البواري) بشكل حصري بحيث تكون الصوبة أقرب لقدميه منها لجسمه الممدد على (الجنبيه) القريبة من التلفاز المغلق ويرتدي (الفلدة العسكرية الخضرا) وفوقها يرتدي (الفروة) ويرتدي شماغ يتلثم به ( يتلصم) ولا يبان من وجهه إلى عينيه التي يراقب بها نقاط الكاز التي تسقط قطرة قطرة وكأنه يعصر من قلبه قطرة دم مقابل أي نقطة كاز تسقط متحسراً على أيام كان فيها (قلن الكاز) بدينارين، كما أن عينيه دائماً في وضعية ( الجحر) للأولاد كلما سمع صوتاً من أحدهم ليقول بعدها (ولك خليك بقرايتك بلاش أقوملك) طبعاً يقول تلك العبارة ويده في تلك اللحظه تمتد إلى (مطرق الرمان) الموجود تحت (الجنبيه) والذي يوصف بأنه ( بِحُر ما بضر ) حيث يستخدمه الأب لفض أي شجار بين الإخوة وطبعاً كان (المطرق) يذوق من جلود الجميع بغض النظر عن (محرآك) الشر اللي عمل (الهوشه) .... لقد كان الأب (يفش حرته) بالصالح قبل الطالح وكلهم اجريهم (بالفلقه)، ولكن رغم (الفلقه) التي سرعان ما يزول تأثيرها لأن الأولاد ( بلدوا) تبقى العيون تترقب الأب فما أن ينهض الأب من مكانه حتى يتسابق أولاده من سيجلس في مكانه بالقرب من الصوبه ويرتدي( فروته الدافيه )فلقد ابتعد أولاده عن الصوبة مسافة بعيده ليس خوفاً من الصوبة أن تحرقهم كما قالوا لأباهم وإنما خوفاً من أن يطولهم (المطرق) على سبيل المداعبه من الأب إذا وجد أحدهم قد سرح بخياله وهو يدرس، والصورة لا تكتمل إلا بوجود كم حبة بلوط على الصوبة أحضرها الأب بعد أن طلب منه أحد أبناءه كستنا فأحضر الأب البلوط ووضعه على الصوبة وقال لأولاده هاي هيه الكستنا..... ( والله يا بلوط أجاك من يكستنك) كلمات قالتها الأم عندما أحضرت باذنجانه ( لزوم العشا) ووضعتها لجانب البلوطات عفواًَ الكستنات اللي على (الصوبه)قبل أن تعود إلى ذاك المطبخ في القطب الشمالي من البيت عشان تكمل طبخة (الرشوف) اللي طلبها الأب ( قال جاي على باله رشوف مع بصل أخضر)، في مثل هذه الأجواء كثيراً ما كنت أسرح بخيالي فيخطر في بالي في بعض الأحيان دولة الرئيس ونحن نعيش هذه اللحظات هل يا ترى دولة الرئيس بلبس فروه؟ وعنده صوبة بواري؟ وبشوي كستنا من اللي بالي بالك(بلوط)؟هل يا ترى دولة الرئيس بعرف بلغة الفروه؟ أي بمعنى لو قال له أحد المحترفين بلبس الفروه والتلصم ' إحنا يا دولة الرئيس مثل فروتك بس تبرد بتدفى فينا وبس تدفى بترمينا من على كتافك حتى نسحل لعند رجليك ' هل سيأخذ دولة الرئيس بهذه العبارة على محمل الجد ويعتبر أن ورائها لغة خفية ومعنى كبير يجب فهمه؟هل هناك لغة للفروة والعباية والشماغ تخصها دون غيرها من الملابس مثل أبو خيط والساحل والبدي وفساتين السواريه السوداء؟هل ستكون فروتنا يا دولة الرئيس في هذا الشتاء و(تدفينا) من برد المربعانية .... أم ستكون النسر الذابح لأحلام صغيرة بعيش دافئ؟
عذراً يا برجوازية بلدي ويا طنطاتها هذا المقال لا يخصكم لأنكم لم ولن تفهموا أبدا معناه ومعنى الصورة التي تحتويه لأنكم وببساطه لم تعيشوا أجواء المربعانية أبداً ولم تذوقوا طعم المطرق والكستنا اللي بالك ( بلوط) و(الرشوف مع البصل الأخضر) ولم تفهوا يوماً لغة الفروة أما أنت يا من تجلس وتبتسم الآن فلقد وصلتك الصورة التي سبق وأن عشتها مثلي فلك مني سلام.
' أح ناوشيني الفروه يا دلال العلي الدنيا صاموطه'
د. ماجد احمد الحياري
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو