توصل الخبراء المعنيون بتتبع أموال الرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، بالتنسيق مع لجنة العقوبات الدولية، إلى نتائج مهمة عبر إفصاح العديد من الدول عن أرصدته لديها. إذ توصل المعنيون إلى أنّ قيمة ثروة الرئيس اليمني تقارب 60 مليار دولار!
هذه الثروة تأتي حصيلة جملة كبيرة من العمليات المشبوهة؛ من غسيل الأموال والعمل مع المافيات الدولية، بينما كاد اليمنيون يتعرّضون لمجاعة حقيقية خلال الأعوام الماضية بسبب الصراع الداخلي؛ إذ ما يزال الرجل -علي عبدالله صالح- وأبناؤه يقاتلون تحت غطاء إقليمي، بالتحالف مع إيران والحوثيين للإمساك بالسلطة، أو البقاء في دائرة النفوذ في اليمن، حتى لو على جثث ملايين اليمنيين!
بالضرورة، لا نتحدث عن حالة استثنائية فريدة، بل -للأسف- عن الغالبية من هؤلاء الحكام. ألم يجدوا في قصور زين العابدين بن علي كميات هائلة من الذهب، وكان أشقاء زوجته يتقاسمون الثروة والنفوذ في البلاد، ويستولون على الأراضي والأموال ويجيّرون السلطة والقوانين لصالحهم!
وهل حال حسني مبارك تختلف؟! ألم يحوّل ابنه علاء خصوصاً البلاد إلى ساحة استثمار ونهب! فيما تفسّر الدراسات المهمة الجديدة التحولات التي حدثت في الجيش المصري، وعلاقتها بثراء كبار الضباط من أجل ضمان ولائهم. ومن أهم تلك الدراسات، دراسة الخبير العربي في هذا المجال يزيد الصايغ (الصادرة عن مؤسسة كارنيغي) بعنوان 'فوق الدولة: جمهورية الضباط في مصر'، وهي الدراسة التي تفضح حجم النهب من المال العام لحساب الضباط الكبار في مصر.
هذا فيما يؤكد المقربون من بشار الأسد (رئيس النظام السوري) أنّه يقوم بعملية غسيل أموال لتهريب جزء كبير من الثروة إلى الخارج، تحسباً لسيناريو الرحيل. وفي الوقت نفسه، لا يخفى حجم الإمبراطورية التي أقامها ابن خاله رامي مخلوف من وراء تزاوج المال والسلطة في ذلك البلد.
وهل القذافي وأبناؤه حالة مختلفة مثلاً؟ ففيما ينعمون بمليارات الدولارات، كان الشعب الليبي يعاني من التجهيل والتهجير والتفقير. وعلى المنوال نفسه فضائح فساد نوري المالكي، وفضائح الجيوش العربية التي صرفت عليها المليارات الهائلة وأنفقت عليها خزائن الدول، وتغذّت على حساب شعوبها من أسواق السلاح الأميركية والروسية، لكنّها لم تتحمل في ساحات المعارك ساعات قليلة أمام 'داعش' أو الحوثيين أو 'النصرة'، فيما تحوّلت الدول والمجتمعات العربية إلى ساحة للميليشيات الطائفية المسلحة!
عندما نتحدث عن هذا 'المرض العضال' في السياسات العربية، أي نهب الدول والمال العام وإفقار الشعوب، ليس فقط على صعيد الحكّام، بل أبناؤهم وأقرباؤهم ومحاسيبهم، وكبار رجال الدولة أيضا، فإن من الضروري أن نعيد النظر في الأسباب الحقيقية للأزمات الاقتصادية والتنموية في العالم العربي، بدلاً من البحث عن عوامل وأسباب ثانوية أخرى، بما أنّ هذه الجرثومة الخطيرة تنهش في دولنا ومجتمعاتنا!
هذا المدخل مهم جداً اليوم لمناقشة أصدقائنا أصحاب نظرية الاقتصاد أولاً، أو قاعدة 'توسيع الكعكة كي يستفيد الجميع' بوصف الأزمة الاقتصادية هي الأساس في الأوضاع الحالية والنقمة الشعبية العربية؛ فكيف يمكن أن يحدث الإقلاع الاقتصادي- التنموي (إن جاز التعبير) في ظل هذا الثقب الكبير الذي يلتهم الاقتصادات العربية!
لا يمكن الفصل بين الجانب الاقتصادي والديمقراطية والحاكمية الرشيدة ومبادئ المساءلة والمحاسبة؛ لا يمكن أن تحدث قفزة اقتصادية في ظل دوائر الفساد السرطانية؛ ولا نتصور أنّ الأزمات السياسية ستُعالج بحلول اقتصادية، إذا بقي هناك شعور عارم لدى الشارع العربي بفساد المسؤولين وغياب العدالة، وبعائلات وأشخاص فوق القانون والدولة والجميع!
60 مليارا؛ كم جامعة، أو مدرسة أو مصنعا أو وظيفة عمل.. لا تتصوّروا أن نتغيّر في ظل هذه المعادلة!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو