فلنحاسب أنفسنا على ما حدث

الآن؛ وفي غمرة الأحداث؛ يجب أن نتوقف قليلاً ونأخذ نفساً عميقاً ونعمل جردة حساب سريعة على ما حدث..يجب أن نراجع كثيراً من تصرفاتنا ..كلّنا كلنا دون استثناء..شعباً وحكومةً وأجهزة..يجب ألاّ تأخذنا صيحاتُ الهتاف للوطن إلى ترك الزوايا المهمّة التي يجب ألا تُترك..يجب ألاّ تأخذنا (الهوسة) إلى أماكن يريدها التكفيريون وقد يكونون نجحوا في بعضها دون أن نلتفت لذلك ..!اضافة اعلان

تعالوا نتحاسب قليلاً:
لماذا يتم إلغاء مهرجان صيف عمّان؟؟ هذا مهرجان للفرح..والتكفيريون من أهدافهم قتل الفرح..فلماذا ساهمنا معهم بذلك؟ لماذا جعلناهم ينجحون في ذلك؟ سيقول قائل: تكريماً للشهداء..وأنا أقدّم وجهة نظر أخرى؛ أن تكريم الشهداء يتم بالانتصار على أفكار من قتلوهم..وإحدى الأفكار هو ألاّ تستمر الحياة ..! وأعتقد أن نقابة الصحفيين ألغت حفلها لذات السبب..مع أن ذات السبب هو الأدعى للاستمرار بالاحتفال..!
في غمرة الأحداث يا سادة؛ يخرج علينا على قنواتنا الرئيسية الخبير العسكري و الخبير السياسي و الخبير الإعلامي و الخبير الثقافي والخبير الديني و الخبير في كلّ شيء..فلا العسكري يتحدث بعسكرية ولا السياسي يتحدث سياسة ولا الديني يقنعنا بخطابه الديني وكلهم يتكلّمون بذات الكلمات التي يتكلّم بها المواطن العادي البسيط..كلّها لغة انشائية في التمجيد و التحميد وفي الأزمات الكبرى يسقط الانشاء وتبقى الاستراتيجيات..!
تعالوا نتحاسب على وضع الفتية الشهداء ورفاقهم في السلاح الأحياء..أبطالنا الذين نرمي عليهم حمولة الموت كلّ يوم وهم من الفقراء الخالصين؛ وهم أبناء الحراثين ؛ آباؤهم وأمهاتهم يحرثون البر والبحر و الجوّ كل يوم كي يعيشوا بكرامة وسط كرامة الوطن...آن الأوان بأن تصبح رواتب كافة منتسبي الأجهزة الأمنية والجيش رواتب تتناسب وحجم الموت والمخاطر ..!
تعالوا نتحاسب كي تستقيم الأمور..تعالوا نحمِ الوطن بالشفافية والوضوح..تعالوا نفلتر كلّ شيء..تعالوا نحاسب الفاسدين الكبار كلّهم كي لا تذهب دماء الشهداء الفقراء هدراً ؛ وحتى لا نشعر أن موتنا هو بالمجان أو من أجل حماية الفاسدين..تعالوا نحارب الظلام بالنور الحقيقي..والنور لا يكون إلاّ عندما يتساوى الجميع في هذا الوطن الذي لن نتعب من حبّه والذود عنه مهما فعل بنا الملتفّون عليه والسارقوه منّا..!!