فهمان لانه الاصغر بين اقرانه

حسام ابراهيم مياس

في صباح يوم الجمعه استيقظ أبو محمود الإطرم باكراً على غير عادته, جلس في زاوية الغرفة و شَغَل الراديو و أخذَ يستمعُ الى أغاني فيروز. أشعلَ سيجارته و أخذ يشرب قهوته الساده محاولاً الاستمتاع بصباحٍ يخلو من الإزعاج و من الضجيج ليطيرَ في فضاءِ السُكُون و الصَمت.

كان يُفكر في حلٍ لمشكلتهِ الاقتصاديةِ العويصه ,كيف سيدفع قسط الجامعه لإبنه الاصغر ممدوح, و بينما كان مستغرقاً في التفكير دخل عليه ابنه الأكبر محمود مسرعاً يصرخ بأعلى صوته ' يابا, إلحَق إلحَق , الحمار البني متيسه معاه و مش راضي يترك الزاويه اللي مفروشه قش بالزريبه, قد ما حاولت معاه ما رضيش يتحرك من مكانه و يتركه للكُر الجديد'.

هنا أنقطع حبل أفكار أبو محمود قبل أن يصل الى حل لمشكلته و تعكر يومه فأطفأ الراديو و قال لإبنه محمود ' أقعد يا ملعون الوالدين خليني أفهمك لويش الحمار مش راضي يترك زاوية القش اليمين للكُر الجديد'.

إسمع يا أبني يا محمود و أتذكر كلامي كويس عشان تقدر تدير الحظيره من بعدي, الحمار البني هو الحيوان الوحيد في الحظيره الذي ينظم العمل داخلها, هو اللي بِصَحِي باقي الحيوانات و هو من يحدد لهم أوقات وجبات الطعام من علف و تبن و شعير, وهو الأمرُ الناهي في الحظيرة لذلك لن يترك زاوية القش للكُر الجديد مهما كانت الأسباب, صحيح أن الكُر الجديد أفهم من الحمار البني إلا أن الحمار البني مسيطر على باقي الحيوانات في الحظيره و عشان يظل المسيطر الوحيد داخل الحظيره لازم تعرف انه الحمار البني ماسك ممسك على الديك ابو عُرف أحمر لأنه مَسَكُه قبل أكم يوم مِختَلِي بالجَاجِه البَيَاضَه خُلوه غير شرعيه و ماسك ممسك كمان على التيس الشامي لأنه شافه و هو عاملها على حاله عشان هيك ما حدا قادر يزيحه عن زاوية القش.

نَظَر محمود الإطرم الى أبيه نظرةً تحمل بين ثناياها استنكاراً لهذه السياسة التي تُدارُ بها الحظيره و لسياسة القمع التي يمارسها الحمار البني على باقي حيوانات الحظيره مُستنكراً مَقُولَة والده 'الحمار البني هو الحمار الوحيد القادر على حل الأزمه داخل الحظيره و هو الوحيد المُرَشَح للبقاء في مكانه على زاوية القش اليُمنى'.

حينها خَرَجت تنهيده من صدرِ محمود و قال ' فِعلاً الكُر أَفهَم مِن الحِمَار لأَنُه مَالهُوش زَمان حمَار و هالحظيره بدها حمَار يديرها مش كُر فَهمَان '.