الجمعة 2024-12-13 03:29 م
 

"فيديو بانوراما" الذكرى الـ 57 لتعريب قيادة الجيش العربي

08:15 ص

الوكيل - خالد توفيق -

اضافة اعلان

في يوم الخميس الأول من آذار عام 1956م اتخذ جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه قراره التاريخي بتعريب قيادة الجيش وإعفاء الجنرال كلوب من منصبه بالإضافة إلى بقية القيادات الانجليزية، وقد كان قراراً مفصلياً في حياة الأردن السياسية والعسكرية، وقد كان جلالة المغفور له الملك الحسين يدرك أبعاد خطوته الخطيرة والجريئة وما سيترتب عليها ولكنه كان مؤمناً واثقاً بنفسه وبمن يعمل معه على صعيد القوات المسلحة وقد أمر جلالته بترقية العميد راضي عناب إلى رتبة لواء وتعيينه رئيساً لأركان الجيش العربي وبذلك يكون اللواء عناب أول ضابط عربي أردني يتولى رئاسة أركان الجيش العربي وقد ألقى جلالة المغفور له الملك الحسين القائد الأعلى كلمة للشعب الأردني أوضح فيها سبب اتخاذه هذا القرار التاريخي الذي رأى أنه لمصلحة الأردن والجيش العربي وقد بُث الخطاب عبر الإذاعة الأردنية.


لقد كان قرار جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه- القاضي بتعريب قيادة الجيش قراراً هاماً وتاريخياً ومفصلياً في الحياة السياسية والعسكرية في الأردن كما كان قراراً شجاعاً وحكيماً وجريئاً من جلالته كما ويعتبر استكمالاً للقرار السيادي العسكري والسياسي في الأردن حيث ترتبت عليه نتائج كبيرة وهامة كان لها تأثيرها على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي .


الظروف العسكرية قبيل إتخاذ القرار تولى جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله سلطاته الدستورية في الثاني من أيار عام 1953م، بعد أن نودي به ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية في 11 آب عام 1952م، وكان ما يزال طالباً في كلية ساند هيرست العسكرية، ولم يكن قد أكمل السابعة عشرة من عمره بعد في تلك الفترة.


وقد كانت المملكة الأردنية الهاشمية قد حصلت على استقلالها في وقت غير بعيد، فالوقت ما بين الاستقلال واستلام جلالته سلطاته الدستورية لم يتجاوز الست سنوات، ولكن المملكة الأردنية الهاشمية خلال هذه الفترة كانت قد اجتازت ظروفاً صعبة حيث مرت في منعطفات هامة على الصعيدين العسكري والسياسي، فما أن حصلت على الاستقلال في عام 1946م حتى بدأ الصراع العربي الإسرائيلي، وبدأت حرب عام 1948م، ودخل الجيش العربي الأردني القدس وخاض المعارك على أسوارها ومشارفها وفي أماكن أخرى من الضفة الغربية، وقدم رجاله أرواحهم رخيصة في سبيل الدفاع عن القدس والمقدسات والثرى العربي الفلسطيني، وخضبوا بدمائهم الزكية مختلف روابي الحمى العربي هناك، كما ترتب على حرب 1948م تشريد مليون لاجىء، واستمرت الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الأردنية .


لقد كان الجيش العربي يمر بمراحل التحديث والتطوير بعد أن تم إنشاء كتائب جديدة في بداية الأربعينات، حيث شاركت هذه الكتائب في حرب عام 1948 مثل كتائب المشاة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وتبع ذلك إنشاء كتائب جديدة هي الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة والسرايا المستقلة .


أماعلى الصعيد السياسي كان هناك تعديل في القانون الأساسي وفي دستور عام 1947م بناء على المتغيرات السياسية المتمثلة في الاستقلال في عام 1946م، وتوحيد الضفتين بعد مؤتمر أريحا عام 1950م، وكان آخرها استشهاد جلالة المغفور له الملك عبدالله الأول ابن الحسين في جنبات الأقصى، وهو يتهيأ لأداء صلاة الجمعة في عام 1951م، وتبع ذلك وضع دستور جديد للمملكة في زمن جلالة المغفور له الملك طلال -طيب الله ثراه-، ثم المناداة بالأمير – آنذاك – الحسين بن طلال رحمه الله في 11 آب عام 1952م ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية .


وقد كان على رأس الهرم القيادي في الجيش العربي الجنرال جون باجوت كلوب (كلوب باشا) كرئيس لأركان الجيش، وكان هناك ضباط انجليز يشغلون مراكز القيادة في مختلف وحدات الميدان ( الوحدات والتشكيلات) وبعض الأجهزة ومنها جهاز الاستخبارات ، وفي ذلك الوقت كان جلالة الملك الحسين تلميذا عسكريا في كلية ساند هيرست العسكرية وقد كان غير مرتاح للوضع العسكري في الجيش العربي وبخاصة أن على رأس الهرم العسكري قيادة أجنبية متمثلة في الجنرال كلوب والضباط الانجليز، وقد أسرّ جلالته لبعض الضباط الأردنيين الذين إلتقاهم في لندن بأن طموحه أن يكون هناك ضباط أردنيون يقومون على قيادة الجيش العربي.


أسباب اتخاذ القرار.


1. يقول جلالة الملك الحسين رحمه الله ' إن الرأي العام كان يجهل أن قضية عزل الجنرال كلوب من منصبه كانت قضية أردنية تماماً لأن كلوب كان قائداً عاماَ للجيش العربي الأردني، وكان يعمل لحساب حكومتي '. ويمكننا تلخيص أسباب اتخاذ القرار بإعفاء الجنرال كلوب من منصبه بشكل رئيس في اختلاف جلالة الملك الحسين -طيب الله ثراه- كقائد أعلى للجيش العربي مع الجنرال كلوب في مسألتين هما :


أ. دور الضباط العرب في الجيش العربي الأردني .


ب. الإستراتيجية الدفاعية . لقد كان جلالة الملك الحسين يرغب في ترفيع الضباط الأردنيين إلى المناصب العليا في الجيش، وأن يتولوا قيادته طبقاًَ لخطة منطقية واقعية، حيث كانت المعاهدة الأردنية البريطانية تنص على حق الأردن في أن يستوفي مساعدة مالية تبلغ (12) مليون جنيه سنوياً، وعلى التزام بريطانيا في أن تقدم الضباط اللازمين لتنظيم الجيش الأردني، ولكن الضباط الانجليز من الناحية العملية والفعلية كانوا هم الذين يقودون الجيش، وهنا كان جلالة الملك الحسين قد مارس صلاحياته ومسؤولياته في تعزيز ثقة الضباط الأردنيين بأنفسهم وفي ترسيخ روح الكرامة والكبرياء القومي لتعزيز قناعتهم بمستقبل الأردن، وبدوره إزاء الوطن العربي الكبير، وكان الجنرال كلوب يقف عائقاً أمام تحقيق ذلك .


لقد شكل الجيش العربي ركناً أساساً من أركان الأردن، وبناء عليه أصبح (كلوب باشا ) واحداً من الرجال الأقوى والأوسع سلطة في البلاد، وهذا بطبيعة الحال يفسر سيطرة بريطانيا على الشؤون العسكرية، وكان الضباط الأردنيون الشباب أصحاب الطموح يقصون أو يعهد إليهم بوظائف ثانوية، وكان جلالته يطالب بتدريب وتأهيل هؤلاء الضباط، ولم يستجب لطلبه إلا بعد مفاوضات اتسمت بالصبر والأناة وقدعرضت بريطانيا على جلالة الملك الحسين خطة لتعريب قيادة الجيش يتم بمقتضاها منح الضباط الأردنيين في المستقبل مزيداً من الامتيازات، والمستقبل هنا من وجهة نظرهم هو أن الجيش العربي سوف لن يستطيع الاعتماد على نفسه قبل ثلاثة عقود على أقل تقدير، وليس كل الجيش إنما سلاح الهندسة الملكي في الجيش العربي ويمكن أن يتولى قيادته ضابط أردني عربي في عام 1985، وهذا العرض حدث في عام 1956م وكأنهم يقولون سوف نتحدث عن هذا بعد ثلاثين عاماً .

قَسَم الشرف العسكري

( أقسم بالله العظيم ، أن أكون مخلصاً للوطن والملك ، وأن أحافظ على الدستور، والقوانين والأنظمة النافذة وأعمل بها، وأن أقوم بجميع واجبات وظيفتي ، بشرف وأمانة وإخلاص دون أي تحيز أو تمييز، وأن أنفِّذ كل ما يصدر إليَّ من الأوامر القانونية من ضباطي الأعلين ).




ماذا قالوا عن الجيش الاردني:

بعد حرب 1967 وإعترافاً من الإسرائيليون بضراوة المقاومة التي لاقاها جيشهم على يد الجيش العربي الأردني أقاموا نصباً كتبوا عليه

'هنا يرقد جنود أردنيون قاتلوا ببسالة'



بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتقديراً لدور الجيش العربي الأردني في الحرب العالمية الثانية فقد شاركت مجموعة منه في مسيرة (يوم النصر) الشهيرة في لندن بتاريخ 8 حزيران 1946م والتي شاركت فيها قوات تمثل جميع الدول المنتصرة التي حاربت بفاعلية في تلك الحرب
وقد قال غلوب باشا في أفراد هذا الجيش كلمة حق تستحق ان تنقش بالذهب حيث قال مبدياً إعجابه بهم :

'هؤلاء هم نفس الرجال الذين فتحوا العالم قبل ثلاثة عشر قرناً'


سنة 1948 وفي اجتماع لبن غوريون مع يغال يالدين (رئيس هيئة الأركان في حرب 1948) يتفق الاثنان على ضرورة احتلال الضفة الغربية وإكمال المهمة. إلا أنه في اجتماع المجلس الوزاري، هُزِم هذا الاقتراح وكان السبب التساؤل عن

'كيف نحتل الضفة والجيش الأردني موجود ؟'



كتب المؤرخ العسكري فاتيكيوتس في كتابه عن الحرب العالمية الثانية الصفحة رقم 74 يقول

إن الجيش العربي قد دخل مرحلة جديدة من حياته ، وهي تحوله من قوات أمن داخلي (شرطة ودرك) إلى جيش نظامي ومؤسسة عسكرية متكاملة لا ينقصها من الأسلحة الحديثة سوى الطيران والمدفعية الثقيلة



في 27 حزيران 1941م احتلت الكتيبة الآلية للجيش العربي في سوريا مواقع قوات فيشي في قرية سبع بيار وتقدمت الى قرية السخنة الى الشمال الشرقي من تدمر لحماية الجناح الأيمن للقوات الحليفة وفي 29 حزيران احتلت قرية السخنة بعد أن قاتلت قوات فيشي الفرنسية المتفوقة عدداً وعدة وهزمتها وقامت بعمليات استطلاع واسعة الى الشمال بين حلب ودير الزور حتى أن الجنرال البريطاني ويلسون الذي أدهشته معنويات الجيش العربي سارع بإرسال برقية إلى الأمير عبد الله قال فيها :

لقد قامت دوريات الصحراء من الجيش العربي البارحة في منطقة السخنة بعملية ناجحة جداً ، أقدم تهاني الإحترام على روح الجراءة وقيم القتال التي تتمتع بها قواتكم








في نهاية العمليات الحربية للجيش العربي في العراق وسوريا أرسل الجنرال كلارك قائد قوة هابفورس رسالة الى الامير عبد الله قال فيها :

إنني أعتبر من واجبي أن أسجل الشرف العظيم الذي حصلت عليه بإرتباطي برجالكم في الحرب ، ليس ذلك وحسب ، ولكن ايضاً وما أقدره كثيراً قيمهم الشجاعة كعسكريين . إن العمليات الناجحة التي قام بها الجيش العربي في الكشف على الصحراء كحرس مقدمة لقواتنا الميكانيكية وازعاجهم ومطارداتهم للعدو وخطوط مواصلاته وقطع سكة الحديد وحمايتهم لخط مواصلات قوافلنا الحربية ضد هجوم العدو جعلتني أقدر قيمهم العسكرية العديدة . إن مبادراتهم وتصميمهم ومرحهم في جميع الأحوال خلقت لدي أعظم سعادة في الإرتباط معهم في ميدان المعارك

ردود الفعل على قرار التعريب

1. بعد أن سمع الشعب الأردني قرار جلالته هلل وكبر في جميع محافظات وألوية المملكة وانطلق إلى الشوارع مبتهجاً يهتف بحياة جلالته، وفي صباح اليوم الثاني انطلقت جموع المواطنين إلى مدينة عمان وهي تنشد الأغاني الوطنية واتجهت إلى قصر بسمان حيث استقبلهم جلالته مرحباً فيهم وألقى فيهم كلمة قال فيها 'أرحب بكم في بيتكم ومحلكم هذا وأهنئكم بجيشكم العربي، لقد وفقنا الله والأمر له... ان الأردن جزء من الأمة العربية ... وسنعمل مع المجموعة العربية صفاً واحداً ويداً واحدة لمواجهة الأخطار التي تهدد البلاد العربية ولا سيما الخطر الصهيوني ....'.

2. جريدة ايفننج استاندرد الإنجليزية. قالت: إن طرد كلوب جاء ذروة من الخزي والذل للسياسة البريطانية في الشرق الأوسط إذ لم يعد لبريطانيا اليوم دولة حليفة واحدة بين الدول العربية.

3. في أميركا قال الرئيس ايزنهاور لجلالة الملك الحسين: 'إنك بطل والبطولة ليست ملك شعبك بل هي للعالم'.

4. في الاتحاد السوفييتي وصفت جريدة البرافدا السوفييتية نبأ عزل كلوب بأنه انتصار كبير للشعب الأردني في نضاله من أجل التحرر من السيطرة (مارس) الأجنبية.

5. جريدة الجمهورية المصرية الصادرة بتاريخ 4 آذار (مارس) 1956 نشرت مقالاً بعنوان 'سلمت يداك يا حسين' وهي عبارة قالها الرئيس عبدالناصر عندما سمع النبأ.

التوجيه المعنوي + الوكيل الإخباري


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة