ما يخرج من اللجنة المالية في مجلس النواب من تسريبات وتأكيدات، حول توجه الحكومة لتوحيد ضريبة المبيعات وتثبيتها عند 16 %، ورفع الضرائب والرسوم على سلع عديدة، أمر خطير ومقلق ومحبط، للمواطن الذي لم يعد بقادر على 'عصر حزامه' حول بطنه، ولا تحمّل موجة ارتفاع أسعار جديدة. وهو خطير ومقلق لأن إبداع وإنجاز الحكومة، كما هي حال الحكومات السابقة في حقبة برامج صندوق النقد الدولي، لا يشملان إلا رفع الضرائب والرسوم وتوسيع مظلتها.
ما يتسرب رسميا عبر تصريحات اللجنة النيابية، المنشغلة منذ أسابيع بمناقشات الموازنة، ولقاء مختلف المسؤولين، يشير بوضوح إلى أن العجز في هذه الموازنة وبنود إنفاق أخرى فيها، سيغطى من خلال توحيد ضريبة المبيعات عند 16 %، بما يتضمن إلغاء الإعفاءات الضريبية على بعض السلع. كما تعدّ الحكومة لرفع رسوم تجديد جوازات السفر إلى الضعف، إضافة لرفع نسبة الضريبة على السجائر في المناطق الجمركية والعقبة الخاصة، وفرض ضريبة مقطوعة أخرى على المحروقات.
الحديث أيضا عن إجراءات حكومية بترشيد وتقليص الإنفاق على إعفاءات التأمين الصحي للفقراء وغير الحاصلين على تأمين صحي، ورغم نفي الحكومة إلغاء الإعفاءات، فإن حديث رئيس الوزراء أمام النواب ومراجعات مواطنين لرئاسة الوزراء تشير إلى أن تقليص مخصصات العلاج للفقراء ومحدودي الدخل سياسة اعتمدت وهي ماضية، بهدف توفير بضعة ملايين لسد عجز الموازنة، حتى لو كان ذلك على حساب صحة شرائح فقيرة، ستتقطع بها السبل!
هذا ناهيك عما هو مخطط ومعلن مسبقا عن رفع تعرفة الكهرباء على شرائح عديدة.
طبعا، الحكومة، وحسب خطاب وزير ماليتها أمام النواب، كانت بشّرتنا بأنها تتوقع زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 20 % العام الحالي، وهي أعلنت أنها سترسل للنواب ملفا يوضح بند 'ضرائب أخرى'، والمقدرة إيراداتها بـ450 مليون دينار.
حصيلة ضريبة المبيعات تشكل نحو 61 % من إجمالي الإيرادات الضريبية في الموازنة، أي أن رفعها على سلسلة واسعة من السلع والخدمات، عبر آلية توحيدها المرتقبة، سيتسبب بموجة رفع أسعار، تلقي بمزيد من الضغوط والأثقال على كاهل شرائح الفقراء ومتوسطي الدخل، التي لم تعد، في ظل تآكل الأجور وارتفاع مستويات المعيشة، قادرة على تحمل أي أعباء جديدة، بل هي تحتاج لانتشال وخفض لأعبائها، بعد أن وصلت أوضاعها لدرجات خطيرة، لا تخطئها عين، وبما تهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي العام.
لست خبيرا اقتصاديا لأقدم حلولا لتجنب جيب المواطن، الذي لم يعد فيه ما يقدمه لخزينة الدولة، بل وليس، لا أنا ولا النواب، مطلوبا منا تقديم الحلول، لكن أحدا لم يعد يستوعب ما هي الحاجة لوزراء المالية والاقتصاد واللجان الوزارية، بل والحكومة كلها، إن كان كل برنامجها ومهامها اقتصاديا هو فقط التفنن والإبداع بابتكار ضرائب ورسوم جديدة، والتفتيش عن مساحات ضريبية جديدة، لا يجوز الوصول إليها كالإعفاءات الصحية للفقراء.
نتمنى أن نرى ضمن برنامج الحكومات في تقديرها لموارد الموازنات بندا يتحدث مثلا عن رفع عائد الفوسفات أو البوتاس وفق استراتيجية وخطة ما لسد جزء من العجز العام. أو أن نرى خطة مفصلة ومحكمة هذا العام أو ذاك، لرفع عدد السياح بنسبة ما مثلا، بما يدر دخلا بالنسبة الفلانية على الخزينة، أو نرى ثورة حكومية حقيقية في القطاع الزراعي، أو بجانب منه، يتم خلالها اجتراح خطة بأهداف محددة لرفع عائده في الناتج الاجمالي، وبالتالي رفع إيرادات الخزينة من هذا القطاع.
إن كان كل دور ومهام و'إبداع' الحكومة وفريقها الاقتصادي، هو البحث بالدفاتر العتيقة، وما تجنبته حكومات سابقة من قرارات اقتصادية صعبة وفرض لضرائب جديدة ورفع القائم منها، فأعتقد أننا لسنا بحاجة لفريق اقتصادي، ولا حتى لحكومة، ولنكتف بوزارة مالية بمهمة محددة وصريحة، وهي جباية الضرائب والرسوم ومنحها رخصة التصرف لابتكار أي ضريبة ترتئيها لزيادة الواردات وخفض عجز الموازنات!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو