كانت عمان في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تنام في العاشرة.. تفرغ الشوارع إلا من أكشاك السجائر والشوكولاته. ويتوقف عند ساحة الجامع الحسيني 3 تكسيات بانتظار الزبائن.
كانت الإذاعة تخصص بعد نشرة الحادية عشرة بثها للموسيقى الهادئة ولصوت سلوى حداد تقرأ شعراً بطريقة أشبه ما تكون بغناء أم تحمل ابنها.. إلى النوم.
في الاتحاد السوفياتي كان الناس يشربون ويأكلون ويرقصون في المطاعم. وفي الحادية عشرة تنطفئ الأنوار ليغادر الناس. سألت وقتها الصديق الدكتور علي عريقات: لماذا يطردون الزبائن. ويبتسم الصديق: العاملون في المطعم مواطنون سوفيات لهم حق الذهاب إلى بيوتهم في وقت معقول ليناموا.
أول مرّة أرى الساعة الثانية بعد منتصف الليل «زحمة» في الشوارع كانت في القاهرة.. حتى الأطفال يتعربشون على السيارات «لتنظيف» الزجاج الأمامي بخرق قذرة.. من أجل قرش صاغ: الله يخليك يا باشا.
تخطر بذهني هذه التذكّرات بمناسبة الاهتمام غير العادي بترخيص مقاهي الأرجيلة وسط الأحياء السكنية وإغلاقها بعد الثانية عشرة ليلاً. ولقد فاجأني أحد السادة النواب وهو يعترض على هكذا أفكار لأنها: ستضرّ بالسياحة. ترى لماذا يزور السائح بلدنا؟ هل من أجل تدخين نفس معسّل؟!. الأرقام تقول: إن بلدنا يعتمد على السياحة الثقافية. وهذه سياحة متعلقة بالأماكن الدينية او الاثرية.. وأكثرية روادها ينتشرون نهاراً في البتراء أو وادي رم أو جبل نبو أو البحر الميت والمغطس.. وهم في الليل ينامون في ساعة مبكرة. ولا يذهبون لتدخين نَفَس معسّل. أما روّاد المقاهي فهم شبابنا الصغار وشاباتنا مع الأسف. ونحن على أبواب رمضان وسهرته وأرجيلته، وأوراق اللعب: الهاند والطرنيب. وتتفنن الفنادق حتى الخمسة نجوم منها لتجعل من الشهر الفضيل شهر تدخين وأكل وسهر حتى مطلع الفجر.
كل هذا الذي يجري لا يستحق النقاش. وإنما يستحق الإجراء الحازم. فهذه المقاهي المتخصصة بالأرجيلة هي حالة تستدعي تدخل وزارة الصحة. فالفتى الذي يدخن نَفَس معسل يدخن عملياً أربع باكيتات سجائر. ويفرض على الذي لا يدخن مضار التدخين. وقد كدت قبل سنوات أن اخرج من محبتي الكبيرة لابني الصغير الذي كان يدخل في كراج تحت الأرض في الشميساني ليلتقي مع أصحابه على..المعسل.
لم أصدق أن هذا ابني الذي يعرف أن رئتي معطلة من التدخين المبكر. وأن عمه - أخي - مات بانسداد الرئة.. وأن جده كاد أن يقضي مبكراً بسبب السيجارة.
يجب تدخل الدولة لأنها تتضرّر بكلفة معالجة ضحايا التدخين، والمقاهي،.. وهي تتحدث عن التأمين الصحي الشامل.
أصحاب المقاهي مستفيدون. والأمانة مستفيدة برسوم الترخيص العالية، وصانعو السم مستفيدون أما الخاسر فهو البلد، والشباب الذي يفقد صحته.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو