قالوا سيغرق

سفينتنا تغرق هذا ما يقوله البعض في وصف وضعنا الداخلي .....وأنا على ذكر السفينة , أتذكر مقطع من قصيدة شعبية لمظفر النواب يقول فيها :- اضافة اعلان

تدري نوبات المحبة تمل...
واني حبك من القهر
فارقيت انت السفينه ..وأني جايبلك بحر .
هل تسمحون لي من وحي الشعر أن أخاطب استاذي الذي قال أن سفينتنا تغرق ؟
في العام (1956) , في موجة المد الناصري والقومي ...في أزمة الدولة , والهوية والدور قالوا نفس الشيء , السفينة تغرق ...وحاولوا تكسير المجاديف , ولكن الأردن مضى وعبر ..في بحر الغرام , لم تتكسر مجاديفه ...بل تكسرت كل أحلامهم ومخططاتهم ...لم نغرق ياسيدي وهم الذين غرقوا ...
بعد إغتيال هزاع , قالوا أن الأردن سيغرق فقد أغتيل الحلم ...وظل على السطح يمخر العباب ولم يغرق ....
حتى في حرب الإستنزاف التي شنها عبدالناصر وخضناها مع الأمة , قالوا أيضا أنه بلد صغير محدود الموارد ولن يتحمل حجم الضربات الإسرائيلية مثل مصر ..واصروا على أنه سيغرق ...وكان وطني يا سيدي يبحر في النار تارة وفي الماء تارة وغرقت لحظتها الأماني والأحلام ...ولم يغرق هذا الوطن الجميل , الصلب الحر والحي ...
وحين إحتلت إسرائيل الضفة الغربية , حين إجتاحت نصف الدولة لم يقولوا أنه سيغرق بل قالوا:- نراه يغرق , ولكن الأردني بطبعه الصلب بقوته وعزيمته ظل يجدف ...وعبرنا الموج بالرغم من إرتفاعه , عبرنا البحر بالرغم من الإتساع ولم نفقد البوصلة ..ولم يتعب البحار ... من اي طينة مصنوع هذا الجيش ؟ ومن أي معدن جبلت ايها الأردني , فبعد عام واحد عاد جيشك وإنتصر في الكرامة ...وعبرنا وتكسرت على المجاديف الأردنية , كل أحلامهم ...لم نغرق يا سيدي وقتها .
مالذي أقولة , هل اقول أنهم قالوا في زمن مضى أيضا أن عمان غرقت في الدم ...هي لم تغرق وكما يقال بالعامية :- ( بردوها العسكر) ...كأن أمنياتهم إرتبطت بالغرق كأن أحلامهم تريد له الغرق , وكأن الأردن مكتوب عليه وعلى أولاده ..أن لايرسو مركبه , حتى وإن رسى فقدره على مرفأ الأوجاع ....يرسو .
وعبرنا بحر الدم الذي اتهمونا به .
في الحرب العراقية الإيرانية , في حرب الخليج الأولى , في الثانية ..في الربيع العربي قالوا أيضا سيغرق ؟ ..وها أنت يا وطني يا أجمل مركب ويا أنبل البحارة ما زلت تمخر عباب العمر , وما زالت مجاديفك تكسر جليد أحلامهم وتحطم الأماني السوداء ...
أنت لن تغرق , أعرف أن دولا بجانبك غرقت ..ولكنك سيد الصبر , والمجداف من ضلوعنا ...هل عرفت يا سيدي لماذا لم يغرق الأردن ؟ لأن المجداف من ضلوعنا والشراع خاطه القلب ومن جلدنا ....لأنه سيد البحارين جميعهم , لأن نبض البدو في معان , وعيون الرجال في المخيم , وزنود الحصادين في حوران هي ولأن الرضى بوصلته...
أنت لن تغرق يا مركب العسكر والعشاق , أنت لن تغرق ..وكيف يغرق من يحمل هيبة المراكب كلها , كيف يغرق ؟ من أعتاد شواطيء الأوجاع المرسى ..ومن إعتاد العواصف ...
إبحر يا وطني ...وخذ شرايني , حبالا لشراعك ...
وأنت يا سيدي ورفيقي واستاذي , تذكر ما قاله مظفر النواب في وصف مركبنا لقد قال :- تدري نوبات المحبه تمل
واني حبك من القهر
فارقيت إنت السفينة
واني جايبلك بحر ...
كيف يغرق وطن , ونحن من أحضرنا له البحر ...