الجمعة 2024-12-13 01:37 م
 

قبل الأزمات وبعدها

07:39 ص




في كل ازمة يسطع معدن الناس في هذا البلد، كل الاردنيين من شتى منابتهم، يقفون على قلب رجل واحد، عند الازمات، شهدنا ذلك اثر تفجيرات عمان، واثر ماحدث في اربد، وفي تفاصيل كثيرة.اضافة اعلان




هذه البنية العظيمة، يتم تركها في بقية العام، لتفاصيلها ومشاكلها، وتراشقاتها غير المحسوبة احيانا، وهي بنية تعرضت الى ضغوط هائلة اجتماعيا واقتصاديا، لكنها فجأة تظهر موحدة، وكأنها جسم واحد.



هذا امر مطمئن تماما، شهدناه ايضا اثر حادثة الطيار الشهيد معاذ الكساسبة، اذ نادرا ما تجد انسانا في هذا البلد يتشفى بالبلد، او يتمنى له الشر، فهذه نزعة لم تتأسس هنا، واذا كانت هناك نزعات سلبية وسوداوية، فقد ادى الربيع العربي الى وأدها من جذورها، فقيمة الوطن تضاعفت، هذا فوق ان اي صيغة اخرى غير وطن مستقر تعني الاذلال والموت والخراب والتشرد.



الادراك هنا لهذه الحقيقة حمى البلد خلال الربيع العربي، لان البنية الاجتماعية على مآخذها الكثيرة جراء تفشي الفساد وغياب العدالة، وعدم وجود أمل بالمستقبل، الا ان هذه البنية بكل اصولها واديانها واتجاهاتها، أبت ان تفتح بابا للياس فتهدم كل المبنى بذريعة اصلاح بعض زواياه او سقوفه.



لماذا يتم ترك هذه البنية الاجتماعية الاصيلة بقية العام، والسؤال هنا مطروح بقوة، لان سلامة الجبهة الداخلية، اهم عنصر في سلام الداخل الاردني، ولانكتفي هنا بالطلب من المسؤولين ان يقوموا بجولات بروتوكولية على كل مكان، لكننا نريد استرضاء كل البنية الاجتماعية بشكل مختلف.



نريد مصالحة مع كثرة تشعر بعتب، وصول الى كل محافظة، حل مشاكل كثيرة، اعادة تعريف العلاقة بين الدولة والناس، عدم ترك تظلمات الاردنيين باعتبارها مجرد استدعاءات في الهواء الطلق.



لابد وسط هذا المناخ الاقليمي السيئ من اعادة ترميم الحبل السري بين الدولة والناس، فهناك مسافة كبيرة تفصل الناس عن مؤسستهم الرسمية، وهي مسافة ازدادت جراء ظروف كثيرة، سياسية واقتصادية واجتماعية، وقد آن الاوان ان لاتبقى هذه المسافة، فبدون الجبهة الداخلية القوية والمتينة لايمكن مواجهة اي ظروف صعبة قد تقبل على الطريق.



لم تعد هناك مشاريع اجتماعية، ولامشاريع اقتصادية، ولا روح جمعية واحدة، لكننا في غمرة هذه السلبية نرى كيف ان سبعة ملايين اردني ينهضون من مناخهم النفسي السلبي، حين يتم تهديد البلد، ويقفون بشعور واحد، لايطلبه احد، وليس شرطا من احد، اذ انه شعور طبيعي غريزي، تاسس على قضايا كثيرة، فمعدن الناس طيب مرتبط ببلدهم، ولايريد به شرا، وكل ما يريده حياة كريمة، وعدالة، وأفق للحياة.



ان الروح الجمعية التي تظهر بعد كل ازمة، لافتة للانتباه، لكننا نريد الاستثمار فيها، طوال العالم، وليس بعد الازمات فقط، وهذا يعني ان يجلس اصحاب القرار ليفكروا مجددا في الذي يمكن فعله لاجل الناس، لرفع معنوياتهم، ولتحسين ظروفهم، ولتطبيق حقيقي للعدالة ولمحاربة الفساد والشللية، عبر خطط كثيرة، لم يفت الوقت عليها.



لكن ان نستدعي الروح الجمعية في الازمات فقط، ثم نتركها بقية العالم، فهذا امر محمول على النقد، فبلد ترى شعبه موحدا، بكل تضاريسه السياسية، التي يتركها جانبا من اجل المصلحة العامة، يستحق نظرة اخرى، وان لانعود بعد كل ازمة الى مجموعات ولكل مجموعة حكاياتها الصغيرة، فالاصل ان نعمم هذه الروح الجمعية وان نبث الخير والطاقة الايجابية طوال العام، وهذا يستدعي اجراءات كثيرة، تتجاوز الاكتفاء بالشعارات الجميلة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة