السبت 2024-12-14 07:04 م
 

قراءة في صوت العقل

12:45 م

لقد تجلى وكالعادة صوت العقل والحرص على إقامة السلام في المنطقة بقول جلالة الملك عبدالله الثاني أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ولم يكن مستغربا وليس بالجديد ما أسمعه جلالته للعالم إذ يكاد يكون الوحيد بين الزعماء العرب الذي يوظف الفرص والمناسبات الدولية التي يشارك بها لإيصال آلام الشعب الفلسطيني وحقهم بإقامة دولتهم على ترابهم. ويتفرد مليكنا بمحاولة إيصال فكرة التعنت الإسرائيلي مقابل الإستعداد العربي للسعي للسلام وإحقاق الحق.

اضافة اعلان

لقد وضع جلالته الأمم المتحدة كمنظمة معنية بالسلام أمام كارثية ما يمكن أن تجنح إليه الأوضاع في المنطقة في حال استمرارية الإستهتار الإسرائيلي والإعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية. وقال بلغة واضحة أن الشعوب تنظر للإعتداء على المقدسات على أنه اعتداء على الأديان موحيا أن الشعوب لا يمكن لجمها عندما تدفعها غيرتها للدفاع عن أديانها. وذلك تحذير وتذكير لدول العالم بإمكانية تفاقم الوضع إذا استمر التعامي والتمادي بالنفاق لإسرائيل وعدم الجدية بمحاولة الوصول لحل للقضية العربية.

واللوعة والحسرة باديتان على وجهه بسبب تخاذل المجتمع الدولي وعدم ممارسته دوره المأمول منه, وضع جلالته الأمم المتحدة بالصورة الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن التخاذل والتعامي عن صلف اسرائيل وطول انتظار الفلسطينيين. وبجرأة صاحب الحق, ذكّر جلالته العالم وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة بأن المنظمة قامت على أثر حرب عالمية مدمرة تحاشيا للحروب ومنعها والسعي الجاد لحل المشاكل والخلافات بين الدول وإقامة السلام.

ثم أشار جلالته أن العالم والمنطقة العربية أحوج ما يكونان للجهد الدولي الجاد وللأمم المتحدة لتمارس الدور الذي قامت من أجله. وما صاحب العلة إلا أخبر من الطبيب. قول جلالته قول من يعيش في قلب الحدث ويحمل الهم مدركا أهمية السلام من عدمه وأكاد أسمع صدى في عقله الباطن ينطق بمرارة نتجت بعد المحاولات العديدة نحو السلام والتجارب المريرة مع اليهود الذين ديدنهم الأخذ إذ لا حيز لديهم للعطاء إلا بشق الأنفس.

كان خطاب جلالته يشير لتقاعس المجتمع الدولي ونكوصه عن لعب دور إيجابي بالإسهام للوصول لحل يرضي شعبا ما زال ينتظر منذ (65) سنة على درب تقديمه الشهداء والأسرى واللجوء والتشرد والتبعثر ومصادرة الأرض والتهجير غير يائس. فإلى متى سيستمر انتظاره؟؟ وإلى متى ستبقى القوى المتغطرسة تقف معرقلة مسيرة عودة الحق لأصحابه؟؟
كانت إشارة للحق المضاع والواجب الذي ينتظر من يؤديه والتقصير الذي يحتاج صحوة والمثل والقيم التي ينقصها التطبيق والمبادئ المفتقرة لمن يتمسك بها. وأعاد جلالته للأذهان رعاية الأردن للمقدسات والتي جاءت ضمن توافق مما يعني أن الإعتداء عليها اعتداء على الدولة الراعية ومن حقها وواجبها حمايتها والحكمة تستدعي من الطرف الإسرائيلي والعالم قراءة الواقع وما يمكن أن يفرز إن استمر الحال على نفس الوتيرة القائمة. وأكد جلالته أن لا حل للقضية الفلسطينية إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة جنبا إلى جنب مع إسرائيل. وقد لا يتأتى ذلك إلا بجهد دولي تقوده الأمم المتحدة حتى يتحقق.

كما ذكّر بالربيع العربي الذي تقوم به شعوب المنطقة طلبا للكرامة واستردادا للحقوق وسعبا للطمأنينة وهي أساسيات يفتقر لها الشعب الفلسطيني طالما هناك تغييب للعقل. فكيف ستكون ردة فعل الشعب الفلسطيني وهو يرى الشعوب المحيطة به تسترد كرامتها وحقوقها وتقاتل لتعيش آمنة مطمئنة في أوطانها قريرة العين على مستقبلها؟؟ تساؤل يوحي بمدى أهمية تدخل المجتمع الدولي للمساهمة بإيجاد الحل المناسب للقضية الفلسطينية.

ولأهمية الوضع السياسي وخطورته, فقد عرّج جلالته على الوضع السوري المتفاقم الخطورة المنعكسة على الأردن أكثر من غيره بحكم الجوار والتلاصق والتداخل الشعبي بين البلدين. ووضح تبعات الموقف الإنساني الناتجة عن تزايد أعداد اللاجئين السوريين للأردن والتي احتياجاتهم أصبحت تتجاوز امكانيات الأردن مما يستوجب على المجتمع الدولي الدعم المادي والعيني. واستذكر جلالته فصل الشتاء ببرده الصحراوي القارص مما يضع العالم أمام مسئولية عاجلة وملحة تفاديا لكارثة إنسانية محتمة في حال عدم الإستعداد لها إذا لم يقم المجتمع الدولي بما يجب أن يقوم به وخصوصا الدول التي استعجلت الحل واستمرأت المضي بذبح الشعب السوري بحجة المساعدة على الخلاص من النظام. فالمتوقع من المتراكضين والمتباكين أن يثبتوا 'حسن' نواياهم ويتحملوا العبئ الأكبر.
لقد كان خطاب جلالته خطاب الواعي والمدرك للإستحقاقات الخطيرة للأوضاع المتفجرة في منطقتنا فلسطينبا وسوريا. وقد وضح للعالم المشكلة وقدم الحل الذي من سأنه إحقاق الحق والعمل على صناعة السلام الذي بدوره إن تحقق سيطفئ شرارات هنا وشرارات هناك يمكن أن تضرم نارا يصعب مكافحتها والسيطرة عليها.

لقد كان جلالته صوت العقل والحكمة اللذان ميزا مدرسة والده طيب الله ثراه الحسين الذي دوما كان العقل المستنير والواعي الذي لا نشك بامتداده وتواصله من خلال نجله وفقه الله وأعانه.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.

[email protected]

راتب عبابنة


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة