بشكل يقترب من التعمّد غافلت مواقع نفوذ سياسية واعلامية عربية رضوخ اسرائيل لاشتراطات اليونسكو بعد ضغط اردني تأتى من اتفاقية الرعاية الاردنية على القدس , تلك الاتفاقية التي جرى تأويل نصوصها الى حد العبث السياسي وتلّقى الرئيس الفلسطيني الاف الاتهامات بشأنها ولم يسلم الاردن من الغمز واللمز .
على ارض الواقع وخلال فترة الربيع العربي نجحت الدولة العبرية في هضم وقضم اجزاء كثيرة من الاجزاء المتبقية من مدينة القدس وتراثها العربي والاسلامي , الى حد وصفه احد المقدسيين بأن الاقصى بات معلقا في الهواء دون اساسات ودون قواعد , فالانفاق الاسرائيلية والحفريات قد انهت مقاوماته الخرسانية ولا حامي الا الله للاقصى .
رعب المقدسيين يضع رحاله اولا في الاردن ليس من بوابة الرعاية والاتفاقية فقط بل من بوابة اكثر عمقا ودلالة تجذرت بداية مع الهاشميين جيلا بعد جيل ومع الاردنيين بمختلف مناطقهم وتلويناتهم السياسية والعشائرية , فهي المدينة التي لا تغيب عن وجدان الاردنيين وجدران منازلهم وتنفرد القدس بميّزة عن باقي المدن بأنها شأن اردني داخلي جدا بالنسبة للاردنيين , دولة وشعبا وملكا .
نجاح الاردن في توفير رعاية اليونسكو للتراث المقدسي جاءت بعد خطاب الملك في الامم المتحدة وهو خطاب لم يعتمد الصورة التقليدية لخطابات العرب امام هيئات الامم المتحدة بقدر ما كان احترافيا في مخاطبة الغرب ومهنيا في مقارباته السياسية والواقعية وفوق كل ذلك فهو مسنود بتراث اردني موصول بالاعتدال السياسي وقبول مبدأ الارض مقابل السلام ومن دولة لها اتفاقية سلام مع اسرائيل .
خلال متاهات الربيع العربي فقدت اقطار عربية الطريق الى القدس ووصل بعضها الى طريق مسدود , بل وانقلبت عواصم على القضية الفلسطينية ارضا وشعبا , وبات الفلسطينيون اكثر عداءً لتلك الانظمة من الكيان الغاصب , فيما انشغلت عواصم اخرى بأوجاعها الداخلية مما فتح المجال واسعا امام الكيان الصهيوني كي يقضم وينهب ويحفر دون ادنى ضغط او مماحكة دولية , كما جرت العادة .
نافذة اليونسكو فتحها الاردن بمهارة فائقة ونجح الملك في توفير الدعم للقرار عبر خطابه ومن خلال سلوك الدولة الاردنية الحميد في المحافل الدولية وادارتها للملف بوعي سياسي وقانوني اسندته اتفاقية الرعاية التي اغضبت كثيرين كانوا ينظرون اليها من زاوية النصف الفارغ , ولم يكلفوا انفسهم عناء النظر الى باقي الكأس , وكأن المهم خروج الاردن من الرعاية حتى لو تولتها اسرائيل .
قرار اليونسكو بإعادة ارسال بعثته وموافقة اسرائيل على ذلك تعني ان المحاولة لانقاذ التراث العربي والمقدسي ما زال ممكنا اذا ما دعمت الدول العربية والاسلامية خطوة الاردن ووفرت الدول الغنية التمويل اللازم لليونسكو بعد قطع الدعم الامريكي والاسرائيلي عن المنظمة الدولية الوحيدة التي اعترفت بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة .
الخطوة كبيرة ولكنها تحتاج الى دعم عربي واسلامي والى صلابة في الموقف وربط كل الاتفاقيات مع اسرائيل بوضع القدس ووقف محاولة تهويدها والابقاء على قوامة اولى القبلتين وثالث الحرمين وهو جهد يحتاج الى موقف عربي موحد لتدعيم الموقف الاردني والفلسطيني , فنجاح السياسة الاردنية والفلسطينية في اليونسكو لن يؤتي ثماره اذا غاب الدعم العربي والحراك العربي الشعبي والدولي لانقاذ الاقصى والقيامة وباقي التراث .
نجاح الخطوة الاولى التي حققها الملك والسياسة الاردنية تحتاج الى مزيد من الدعم والى جولات اخرى نوقن ان الاردن لن يتأخر عنها ولكننا نوقن اكثر بأن امكاناته المحدودة يجب الا تكون حجر عثرة في طريق اكمال المشوار الطويل وهذا مرهون بالاستجابة العربية والاسلامية لتدعيم موقف الاردن ونشاط الملك الدؤوب .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو