السبت 2024-12-14 01:25 م
 

كفاكم عبثا ايها العابثون

11:34 ص

عصمت أرسبي

من الخطيئة أن ننافق أنفسنا وندّعي بأن شؤون حياتنا تسير على خير ما يرام ، ومن الخطيئة ايضا أن نبقى نتغنى ونردد مقولة ' نعمة الأمن والأمان ' التي قاب قوسين او أدنى سنفقدها إن بقي حالنا على ما هو عليه ، ومن الخطيئة كذلك أن يخرج علينا بعض المسؤولين عبر الوسائل الاعلامية بابتسامة صفراء فاقع لونها ، ليتهموننا ويصفوننا بأننا شعب ( واعي ومثقف ومتعلم ) فلو كنا كذلك لما مات الطالب الشاب اسامه الدهيسات .

إن الاصلاح الذي ننادي به ونطالب بتحقيقه لا يمكن أن يبدأ إلا بالنفس ، وهي وجهة نظر كنت ارفضها فيما مضى ، ويوما بعد يوم وجدتها وجهة نظر صحيحة ، ولكنها غير قابلة للتطبيق ، وجدت أن الاصلاح يجب ان يبدأ من المواطن نفسه ، واصبحت اكثر اقتناعا بأنه اذا صلُح الشعب فقد صلُح سائر المكون الأردني ، فأين نحن من الاصلاح الذي ننادي به اذا كنا نقتل بعضنا ونقتتل فيما بيننا ونسيئ لذاتنا ونعمل على انهيار مؤسساتنا ، ونسمح لدموع الأم أن تنهمر حسرة على فلذة كبدها ، واذا كنا نسمح لدموع الأب أن تستقر في حدق العين ، ألما وحسرة على فراق إبن خرج في الصباح الى جامعته ولم يعود ، مثلما فعلنا مع والد ووالدة اسامه الدهيسات .

إن الجامعات منارات علم لا يجب أن يُسمح لفئة ضلالية جاهلة أن تطفئ نورها ، ولا السماح لها بأن تقود الناس الى ما هي ذاهبة اليه ، حيث الظلمة والضلالة والفتنة ووأد الانسان للانسان والحاق الأذى بالآخرين ، ولا يجب السماح للعشائرية والمناطقية والقبلية البغيضة المدعومة من اجهزة الدولة أن يكون لها مساحة داخل الحرم الجامعي ، فالجامعات وجدت لتكون صروحا علمية لا مسرحا لاستعراض عضلات هذه القبيلة او تلك ، ولا يجب السماح ايضا للحزبية أن يكون لها مساحة في الحرم الجامعي ولا حتى فى فكر طلابنا حتى الانتهاء من الدراسة ، والتخرج من الجامعات والانخراط في العمل والحياة العامة .

إن ظاهرة العنف في الجامعات آفة خطيرة تعصف بالمجتمع الأردني ، وتكاد تكون اخطر ما يواجهه مجتمعنا في الوقت الحالي ، وهي ظاهرة لا يمكن فصلها عن العنف المجتمعي ككل ، وتتحمل مسؤولية انتشارها وتوسيع رقعتها جهات متعددة ، وعلى راس تلك الجهات ، الدولة باجهزتها والعشائرية بتعصبها والحزبية بافكارها ، ولم يعد من الانصاف السكوت على اي جهة مسؤولة عن إثارة الفتنة والبغضاء بين الناس .

ربما اختلف او اتفق مع بعض الاقلام التي كتبت واعادت اسباب العنف الجامعي ، الى التنشئة الأسرية والى الفراغ الفكري الذي يعاني منه طلابنا ، وقلة البرامج الحوارية والنقاشات الهادفة وتقصير إدارات الجامعات في هذا الشأن ، وبصرف النظر عن الاسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا العنف ، إلا انه قد آن الأوان أن تبسط الدولة هيبتها وتفرض سيادة القانون ، بعيدا عن اي اجندات تؤدي الى تفتيت مجتمعنا الذي لم يكن في يوم من الايام ذو نزعة عنيفة ، بل انه كان على الدوام مجتمع متسامح ، ينبذ كل انواع العنف المستشري الآن في اوصالنا ، بفضل سياسات واستراتيجيات رسمتها وخططت لها الدولة وزرعتها في رؤوس طلابنا ، وها نحن اليوم نحصد ثمار ما زرعوا وغرسوا ، لقد آن الأوان أن يكون للقانون يد طولى تطال كل عابث يحاول العبث بالوطن ومقدراته ، وآن الأوان أن تتنحى العشائرية وجاهاتها وعطواتها وفنجان قهوتها جانبا ، ليأخذ القانون مجراه في حماية الوطن وانجازاته من العابثين والضلاليين ، وحماية المواطن من المواطن نفسه ، وأن نرفع الصوت عاليا ونقول ، كفاكم ايها العابثون .

اضافة اعلان

عصمت أرسبي
[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة