الجمعة 2024-12-13 08:12 م
 

كلمة السر ..

08:54 ص

الازمة التي يعيشها العراق اليوم وتنعكس على المنطقة ستجد من الاردن تعاملا يحمل كلمة السر الاردنية في ادارة الازمات الاقليمية ، تماما مثلما كان التعامل مع الازمة السورية حيث كانت الاتهامات بالضبابية الاردنية واحيانا اتهامات بتدريب المعارضة وتوريد السلاح ، وغاب عن الجميع ان التعامل الاردني له بوصلة وهي المصلحة الاردنية وتجنب الاضرار على الدولة وامنها واستقرارها ، ولهذا اليوم نجد الصورة واضحة للمتابعين فحتى النظام السوري شهد للاردن وجيشه بأنه لم يسمح للحدود الاردنية لتكون معبرا للسلاح والمقاتلين.اضافة اعلان

الازمة العراقية اليوم لها تداعيات داخل الدولة العراقية والاردن ليس طرفا فيها ولا يزرع نفسه في الشأن الداخلي هناك ، وان كان يراقب ويتابع ويبذل كل جهد لتكون نهاية القصة مصلحة كل اطراف الشعب العراقي ومنع الاقتتال او الظلم الطائفي وحكم الميليشيات.
لكن البوصلة الاردنية واضحة وهي حماية الجغرافيا الاردنية من أي امتدادات أمنية او عسكرية ، وان تبقى الساحة الاردنية عنوانا للامن السياسي والاستقرار الذي فقدته كثير من الدول حولنا ، لأن هذا الامن لو غاب فسيذهب معه الاقتصاد والنمو والتعليم ، ولهذا فالاردنيون امتلكوا وعيا متقدما بأن كل الاولويات مهمة لكن مع توفر الاستقرار والاستمرار للدولة ، لأنه شرط التنمية والاصلاح والاقتصاد...
ولهذا ففي ازمة العراق اليوم وقبلها الازمة السورية هنالك اثمان دفعها الاردن نتيجة اعباء كل أزمة ، لكنه حرص ان لا يكون الثمن من حق الاردني في حياة طبيعية ، وعلى هذه القاعدة يجب تفسير التعامل الاردني مع النيران المحيطة به.
أما العراق ، فالاردن يتعامل معه على قاعدة الازمات منذ حوالي ( 35 ) عاما ، واقصد مع بداية الحرب العراقية الايرانية التي خاضها العراق نيابة عن الشرق العربي وتحديدا الخليج لنزع فتيل الرغبة في تصدير ثورة فارسية قوية ، وكان العراق السد الذي تحمل هذه المهمة سنوات كدور عربي قبل ان تكون خلافات عراقية–ايرانية ، وكان الاردن واضح الموقف مساندا للعراق ، وقدم الكثير الكثير في وقت وقفت دول قومية الشعارات مع ايران.
وخرج العراق من الحرب مع ايران منهكا اقتصاديا لكنه يملك جيشا صاحب تجربة وتسليح ، وقبل ان يستعيد العراق تماسكه دخل الكويت ، وكان الاردن ضد هذا الفعل لكنه اراد ان يكون الحل عربيا دون تدخل عسكري اجنبي ، لكن الامور سارت نحو ضربة عسكرية وحصار امتد سنوات.
بقي الاردن رئة العراق الاقتصادية ضمن سياق احترامه للقرارات الدولية ، واستقبل مئات الالاف من الاشقاء وكان معظمهم من الطبقة الفقيرة والمتوسطة ، واستمر الحال حتى كانت فترات الاحتلال الامريكي للعراق فكان على الاردن ان يجد المعادلة بين متطلبات جبهة الداخلية وعلاقته بالدولة العراقية والقوى الكبرى ، وحتى قبيل سقوط النظام بقيت العلاقة مع العراق معقولة ولم يدخل من حدودنا مع العراق جيوش لاحتلال العراق ، وكانت المعادلة صعبة ، وبعد الاحتلال دفعنا ثمنا جديدا من دخول مئات الالاف من الاشقاء.
تغير النظام في العراق وانتشرت الفوضى ، وكانت تنظيمات التشدد على حدودنا ، ودفعنا ثمنا لتواجدها من خلال تفجيرات عمان ، وكان على الاردن ان يبني معادلة في علاقته بالعراق الجديد ، مع العشائر والدولة الجديدة غير المستقرة ، مع ادراكه بأن العراق الجديد مستهدف من قوى اقليمية لها موالون في العراق.
ورغم كل التداعيات لم يستثمر الاردن علاقاته مع أي طرف عراقي للتدخل سلبيا في العراق ، وكنا نسمع اصواتا معادية للاردن بين بعض القوى السياسية ، لكن التعامل الهادئ من الاردن والحرص على المصالح الاردنية وضع اسسا للتعامل مع الدولة العراقية ، وجاءت الازمة السورية لتجبر حتى من لا يفضلون التعاون مع الاردن على القدوم وفتح افاق التعاون ، فالظرف السوري والقلق الامني في الملف الايراني جعل الاردن الخيار الآمن لتصدير نفط العراق.
نحن في مرحلة تقليل الخسائر ، مرحلة العبث وصناعة الفوضى ، والاولوية الاردنية هي مصلحة الاردن واهله ، وكما كانت الحكمة في تحقيق هذا في الازمة السورية والمصرية ، فستكون ان شاء الله في الملف العراقي ، وسيسجل لجلالة الملك قدرته على المرور بالاردن آمنا مستقرا من ازمات عاصفة عاشتها المنطقة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة