لا توجد قضية تثير اهتمام العالم اليوم، سواء على مستوى النخب أو الناس العاديين، مثل قضية «الإرهاب» وما يلحق بها من تطرف وشطط موصل إلى القتل الأعمى والإجرام، الذي يستهدف الناس فقط لأنهم من بني البشر، وقد تشعبت طرق البحث في أسباب الظاهرة، وأدلى الجميع بدلوهم، وترتب على التشخيصات المتعددة، قرارات وإجراءات في عدة تجاهات، كلها تريد استئصال الظاهرة، أو محاصرتها على الأقل، وبين هذا وذاك، ورغم الجهود الحقيقية والكاذبة التي تتجه لمعالجة المرض، فالظاهرة منتعشة ولا يبدو أنها تتأثر بأي نوع من أنواع «المبيدات» المستعملة في قهرها!
في العنوان العريض أعتقد أن الاستبداد هو السبب الأول والرئيس لنمو التطرف، ناهيك عن الجهل الذي يوفر تربة صالحة لنمو «الضحايا» وتعبئتهم بالحقد والمفاهيم الخاطئة لمواجهة «المستبدين»!
تحل هذه الأيام ذكرى ما سمي «الربيع العربي» وهو تعبير يثير اللعنات لدى الكثيرين، حيث يعتقد هؤلاء أنه سبب كل ما يجري في بلادنا من كوارث، وهو في رأيي تشخيص معكوس، فسبب المصائب ليس الربيع، بل محاولات سحقه وتحويله إلى «إثم» مغلظ، الأمر الذي وفر بيئة صالحة لنمو الإرهاب والتطرف، الأسباب التي فجّرت «الربيع» لم تتبدّد ولم تختف، حسب ما يرى كثيرون، بل لعل الظروف اليوم من عدة جوانب أشد وأنكى، والأوضاع أكثر قابليةً للانفجار مقارنة بعام 2011، بحسب تقرير التنمية العربي الصادر عن الأمم المتحدة، يسكن الشرق الأوسط خمسة بالمئة فقط من سكان العالم، لكنه يولّد 45% من الإرهاب في العالم. وتبلغ نسبة الوفيات فيه بسبب الحروب 68%، ونسبة المهاجرين 58%، وهذا يأتي في وقتٍ، كما تحذر الأمم المتحدة، يتجاوز فيه تعداد الشباب من العرب 100 مليون نسمة، ويستمر عددهم في التزايد بشكل سريع. ولكن ليس بالسرعة ذاتها لمعدلات البطالة والفقر والتهميش. إن ظهور أكبر جيل من الشباب يعدّ الأفضل تعليماً والأعلى تمدناً في تاريخ المنطقة (يفوق في تديّنه ما عليه أقرانه في مناطق العالم الأخرى بمراحل). يعطي انطباعاً بأنه قوةٌ تدفع باتجاه الزعزعة والاضطراب. كان رد الفعل في داخل المنطقة هو اللجوء إلى القمع؛ سحق المعارضة، ولكن من دون معالجة الأسباب التي أوجدتها. ولذلك، ليس عجباً أن تحذر الأمم المتحدة من «تراكم المطالب، وعودتها إلى الظهور بأشكال أكثر عنفاً».
الأسباب التي ستولد دورة جديدة من الاحتجاجات واضحة، ومن ذلك أن العالم العربي تزدهر فيه السيوف، لا المحاريث، على تعبير الغارديان البريطانية، وهو الذي أنفق، خلال ربع القرن الأخير، ما يقرب من 75 مليار دولار سنوياً على التسلح. تسيطر النخب العائلية على السلطة، والأعمال التجارية لا تكاد تتم من دون الواسطة والمحسوبية. أدى الفساد إلى إهدار كمٍّ هائل من الموارد؛ تقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من 11 تريليون دولار، نهبت خلال نصف قرن. كان يمكن لهذه المبالغ أن تستثمر في إيجاد فرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية.
في بيئة كهذه، ليس لأحد أن يسأل ما الذي ينعش التنظيمات الإرهابية، ويمدها بالمزيد من «الوقود» والشباب، فكل ما يجري في بلاد العرب من انهيار سياسي واقتصادي وحتى اجتماعي، يهيء الفرصة «الذهبية» لاصطياد «الضحايا» وتحويلهم إلى «انتحاريين» يعتقدون أنهم يرتقون إلى الجنة والحور العين، على جثث قتلى لا يعلمون فيم قتلوا، سواء أكانوا من رواد المساجد أو الكنائس أو حتى الملاهي، أو عابري سبيل (الكُنس اليهودية مستثناة حتى الآن من استهداف هؤلاء!)!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو