الجمعة 2024-12-13 03:20 م
 

كيف نتجنب الأسوأ؟

10:56 ص

لم يمر عام على الأردن دون اختبار عسير، إن على الصعيد السياسي، أو على الصعيد الاقتصادي، العام الذي يتهيأ للرحيل لم يكن – كالعادة - عاما مريحا على الأردنيين، ولكن العام القادم سيكون غير مريح بصورة أكثر تعقيدا نظرا لتفاقم الوضع الاقتصادي، وتعقيد المشهد السياسي، والتغيرات الجذرية التي ضربت المنطقة العربية، وإعادة رسم خارطة التحالفات التقليدية.

اضافة اعلان


ما يدور همسا في غرفنا المغلقة في الأردن، وفي بعض المنابر الإعلامية المحلية، يدور بصورة واضحة وبكلمات مفتوحة في الخارج، الانفجار المعرفي وسهولة انسياب المعلومات، عبر وسائل التواصل، ووسائل الإعلام التي هدمت الجدران بين الدول، لم يبق الكثير مما يمكن إخفاؤه، ودورنا هنا ليس إعادة إنتاج المعلومات أو نشرها، بقدر استبطان الحاضر واستشراف المستقبل، ومن واقع مراقبتنا للحدث عن قرب، وخوفنا على بلادنا، نرى أن ثمة بعض الإضاءات يمكن أن تعين صاحب القرار على تجنيب البلد مخاطر القادم الأسوأ..


أولا لا بد من مصارحة الناس بالسيناريوهات الأسوأ التي يمكن أن تحدث، مما يخطط له اللاعبون الكبار في الساحة العربية والدولية، ومدى انعكاس ذلك على أوضاعنا الاقتصادية والأمنية، ولم يعد مستحسنا اليوم ترك الأردني نهبا للقيل والقال، مما ينشر في بلاد الدنيا عن واقعنا، وعما يراد أن يحصل في بلادنا، ثمة فرق كبير بين القصص والسيناريوهات المغرقة بالبهارات والتخيلات والتهيؤات التي يكتبها عرب وأجانب عنا، وبين حقيقة الوضع، مما تحيط به علما قيادتنا ومسؤولونا، ومن الأسلم هنا أن يكون الأردني في صورة وضعه، وواقع ما يخطط له القوم على غير صعيد، على أن يُترك نهبا للإشاعات والتقولات!


ثانيا نحتاج في ظرف كهذا إلى إعادة ترسيم علاقاتنا بعضنا ببعض، أملا في ترسيخ حالة «الوفاق الوطني» التي أحدثتها قضية الاعتداء التاريخية على مكانة القدس في الوجدان الأردني، لأن ما هو قادم يحتاج لجبهة داخلية متينة، تتناغم فيها أضلاع المربع، وصولا لحالة تحويله إلى دائرة كاملة، وهذا الأمر يحتاج لفتح ملفات محلية اعتبرت فيما مضى بحكم المنتهية، لكنها في الحقيقة لم تزل مستحقة المعالجة، كملف المعارضة وصراع مراكز القوى وتعدد المنابر داخل الجسد الواحد، نحتاج اليوم إلى «تدوير» الأضلاع كلها، لأننا في قارب واحد، و»نفس الرجال يحيي الرجال» كما يقولون، ومن الواجب إنزال فكرة إجماعنا على القيادة على الأرض بصورة واقعية، وصولا إلى حالة الدعم الكامل لخياراتها في مواجهة المخاطر المحدقة بالبلد.


ثالثا الخطر الذي يهدد فلسطين يهدد الأردن بالضرورة، نظرا للارتباط العضوي بين الرئتين، فهما جسد واحد بالضرورة، وأي خلل في رئة يهدد الرئة الأخرى، وهذا يقتضي دعم المصالحة الفلسطينية بأقصى ما يمكن من قدرة تسمح بها استحقاقات الحاضر، عبر فتح أبواب الحوار مع كل الجهات الفاعلة في هذه المصالحة، وتذليل أي عقبات تعترض طريقها؛ لأن وحدة الصف الفلسطيني قيمة مضافة للموقف الأردني في مواجهة أي تهديد، خاصة من دوائر صنع القرار المتشدد العنصري في كيان العدو.


رابعا على صعيد سيناريوهات الأسوأ الممكن، خاصة على الصعيد الاقتصادي، كقطع المساعدات، وخذلان الأشقاء، يتعين علينا أن نصطف وراء أي خيارات تقتضيها المصلحة، شريطة أن تكون مقنعة للمواطن، فهو من الممكن أن يجوع أكثر وأكثر في سبيل منعة بلاده واحترام سيادتها، وكبريائها الوطني، ويمكن أن يتقشف أكثر فأكثر، إن شعر أنه ليس هو المستهدف الوحيد بالتقشف، بل على كل قطاعات المجتمع أن تنصهر في صف التقشف وشد الأحزمة، وقد أثبت المواطن الأردني غير مرة أنه على قدر المسؤولية، وبوسعه أن يكون رديفا لقيادته في خياراتها، متى ما شعر أن الحِمْل موزع على الجميع!


أخيرا، وهو الأهم ربما، فإن الثابت الوحيد في السياسة هو المصلحة الوطنية، أما التحالفات فهي المتغير الأكبر، فالمواقف تدور حيث تدور المصلحة الوطنية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة