نحن ننام وسط المطحنة الكبرى بكل ما فيها من ضجيج وغبار ودماء ودخان، لذا يصعب علينا في معظم الأحيان أن نسمع ونرى ما يحدث حولنا، وحتى ما يحدث لنا، ولا أن ندرك كيف يرى الآخرون العالم من جديد، وكم تغير العالم منذ العام 2008 فقط، ولا نريد ان نذهب بعيدا أكثر من ذلك، ففي تلك السنة التي انتخب فيها باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة، الرئيس الضعيف القوي. آنذاك تغير العالم للمرة الأولى في القرن الجديد حينما تخلص الغرب من أساطيره البيضاء، بعد ذلك انفرطت مسبحة التغيير وصولا إلى اليوم الذي ربما يعود الشعب الذي انتخب اوباما وبنفس الادوات الديمقراطية لانتخاب أول رئيس أميركي يعلن تبنيه العنصرية وكراهية الآخرين علنا.
يخرج الكبار كل بطريقته من أتون الأزمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد العالمي، وقيل فيها ما قيل، ثم نتفاجأ؛ كيف تغيِّر الطاقة وأسعار النفط مراكز تراكم الثروات وانتقالها في العالم الجديد، أين تذهب عوائد النفط؟ ما لم تأخذه الحروب ضاع بالأسعار الصادمة، الصدمة الأخرى كيف تتجاوز القوى الكبرى مصادر التهديد الاقتصادي القاتلة، وهي تخرج من حروب قيل إنها اكلت الأخضر واليابس.
يدخل عالم الكبار في تفاهمات غامضة وفي لحظات توافق غير قابلة للفهم رغم احتدام الصراع في الغرف الامامية، كيف تم التوافق على ملف إيران بعد سنوات طويلة من صراع الأجندات والألعاب السياسية والاقتصادية التي أديرت بحنكة وغباء، وكيف تم التوافق على سورية فجأة بعد وصول الصراع حول سورية حالا من الاستعصاء المستحيل، وفي لحظة نجد الرئيس أوباما في هافانا بعد قطيعة دامت أكثر من ستة عقود، كيف يتغير النظام أحادي القطبية إلى صيغة أقرب الى القيادة الجماعية التي تتيح المجال أمام بروز قوة القوى الإقليمية وأدوارها بفعالية عالية، حالة تتراجع فيها قدرة النظام الدولي على توفير الحد المعقول من الانضباط الدولي خلف القوة العظمى.
التغيير في العالم القديم يمضي ثقيل الدم، وإذا ما سار خطوة يملأ العالم بالدماء والدخان وفي آخر النهار نكتشف وهم هذا التغيير، فيما تغادر الولايات المتحدة حدائقها البعيدة في الشرق الأوسط وهو بحالة من الفوضى غير المسبوقة. ثمة تغيير يحدث في هذا الجزء من العالم يؤكد من جديد بأن كل شيء باق على ما هو عليه.
تذهب الدول إلى الحروب حينما تجد خطرا بات يداهمها ويمكن أن يصل حدودها في أي لحظة، وأهم الاستراتيجيات في تاريخ الدفاع عن الذات هي استراتيجية المبادأة والمبادرة؛ أي كما قيل حينما يكون الخطر على الأبواب فافضل وسيلة للدفاع الهجوم، ولكن يبقى السؤال هل الخطر فعلا على الابواب؟ وما هو مفهوم الخطر في العالم الجديد.
ثمة تحولات أخرى ربما تكون أهم مما نشهده في حقول السياسة والاقتصاد والأمن، إنها تحولات ثقافية كبيرة تجري تحت أرض ساخنة تدور حول إعادة اكتشاف جديد للعالم والإنسان والعقل، وثمة استجابة سياسية واقتصادية لما يجري تحت الارض، بمعنى أننا أمام عالم يتغير، وبينما يجري ذلك تنشغل الشعوب القديمة في تأويل الماضي وتفسيره وفي نميمة تاريخية لا تنتهي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو