عندما نتحدث عن الإسلام نحاول أن نقرب معانيه إلى أذهان الناس؛ فنبين النواحي الإنسانية فيه، ونبين مصالح الناس في تطبيقه؛ لأنه بالفعل يراعي مصالح الناس.
ولكن بعض الناس ظن أن الإسلام قانون المصلحة فقط، وأن كل مصلحة دين، حتى عندما تناقض قواعد الدين، ومع الأسف بعض المسلمين وقع في هذا الخطأ؛ فهو يحاول أن يغير في الإسلام مراعاة للمصلحة.
إن الذين يفعلون هذا ينسون أمرين مهمين:
الأول: الجانب الإلهي في الإسلام؛ فالرسول بشر لكنه يوحى إليه من الله، فهو مبلغ، والمشرع هو الله، والله تعالى يعلم ما لا يعلمه البشر. وكل ما يقوله الرسول صحيح؛ لأنه وحي من الله.
فإذا نظرنا إلى الرسول كبشر فقط؛ نكون قد أهملنا الجانب المهم، وهو الوحي الإلهي.
الثاني: أن البشر مهما بلغوا من العلم لا يعرفون مصلحتهم دائماً؛ لأن العلم يكتشف كل يوم جديداً، ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه يعرف كل شيء، فما يظنه الإنسان مصلحة اليوم قد يكتشف أنه مخالف للمصلحة غداً، والذي يلاحظ تطور القوانين التي وضعها البشر يعرف ذلك.
صحيح أن الشريعة الإسلامية قابلة للتطور، لكن مع ثبات الأصول، ونحن نتكلم عن الأصول، يعني ما في القرآن، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، أما كلام الفقهاء فيناقشه الفقهاء.
علماء المسلمين يعرفون هذه الحقائق بوضوح؛ ولهذا اتخذوا الخطوات التالية:
1. حافظوا على نص القرآن تماماً، ولهذا لم يختلف المسلمون في كلمات القرآن. والصحيح أن الله هو الذي حفظ القرآن، ووجَّه المسلمين إلى الطريقة الصحيحة لحفظه؛ لأنه لا يوجد كتاب إلهي بعده.
2. وضع العلماء قواعد دقيقة لتفسير القرآن، وهي قواعد علمية موضوعية، وكل تفسير يخالف تلك القواعد غير صحيح، مثلاً: يُفَسَّرُ القرآن بالقرآن، ثم بتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بتفسير علماء الجيل الأول من المسلمين، ثم حسب قواعد اللغة العربية.
3. بذل المسلمون جهداً عظيماً لمعرفة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن البعض كذبوا عليه لمصالح خاصة، لكن العلماء وضعوا قواعد علمية دقيقة لمعرفة الصحيح، وتصوروا أن كل من روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم بحث العلماء عن سيرة حياته ليعرفوا مدى الثقة به!
4. هناك قواعد أيضاً لتفسير كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفة المقصود منه، أما الذين يقولون: 'الرسول أخطأ' فهم لم يعرفوا معنى كلمة (رسول أو نبي)؛ لأن الخطأ مخالفة أمر الله، والرسول لا يمكن أن يخالف أمر الله.
هذا الكلام المختصر هو خلاصة جهود عظيمة بذلها العلماء للمحافظة على الإسلام ومعرفة الجزء الإلهي منه، وهناك فروع كثيرة للمعارف الإسلامية للوصول إلى هذه النتيجة، مثلاً: علم القرآن، علم الحديث، علم اللغة العربية، علم الفقه، علم الأصول، علم المنطق، أصول الدعوة.. إلخ.
أنا لا أقول: يجب على المسلم أن يتعلم كل هذا؛ لأن هذا شبه مستحيل، لكن أقول يجب على المسلم أن يعرف العالم المتخصص بعلوم الشريعة ويعمل بقوله، لا مانع أن يناقشه لكن من أجل الاستيضاح وتمام المعرفة.
تماماً كما تتعامل مع الأطباء؛ تناقشهم لكن الكلمة الأخيرة للطبيب المتفوق على غيره.
هكذا قال العلماء الصالحون؛ فقد قالوا: 'إن علمنا دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم'؛ أي: تأكدوا من قوة علمه وتقواه.
وأنا أقول هذا لأني أرى بعض الناس يقولون في الدين ما ليس من الدين، ويحذفون من الدين ما هو من الدين، والسبب عدم التخصص.
إن الخطأ في الطب يؤدي إلى المرض أو الموت، والخطأ في الاقتصاد يؤدي إلى الفقر وضياع الثروة، لكن الخطأ في الدين خطره أشد من هذا كله، ولهذا قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43؛ أي: اسألوا العلماء الذين يعرفون كلام الله وكلام الرسول، ويعرفون مصلحة الناس.
هؤلاء العلماء موجودون في كل بلد ولله الحمد، وعلينا أن نسألهم لتكون عبادتنا صحيحة، وعلاقتنا مع الله صحيحة .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو