لا أحد معني بأحد في هذه المنطقة، العواصم مشغولة بنفسها، وإذا لم تناصب بعضها العداء فهي ليست في وارد تمتين الصداقات والعلاقات، وكأن شعار الجميع “ساعدوا أنفسكم لن نساعدكم”.
هنا في الأردن يجب ان نفهم هذه الرسالة، فنحن -الآن- مكشوفو الظهر تماماً، اقتصادنا في أسوأ احواله، وجبهاتنا الداخلية والخارجية تتعرض لاهتزازات خطيرة، و “وسائدنا” التي وضعنا عليها رؤوسنا لم تعد موجودة، واعتبارات “دعمنا” التي كانت قائمة لدى الأشقاء انهارت، واجندات أصدقائنا التي تطابقت فيما مضى مع اجنداتنا تغيرت تماماً.
هل اخطأنا في تقدير الموقف؟ ربما، لكن الأهم الان هم استدراك ما حدث، فقد تغيرت المعادلات وانقلبت “التحالفات” وما زلنا نقف نتفرج، خذ ما حدث في “الملف” السوري حيث تبخر حلفاؤنا في البادية الجنوبية وتمددت ايران ومعها حزب الله وما نزال نراهن على “موسكو” في ضبط إيقاع هذا التمدد، خذ ايضاً ما حدث في فلسطين بعد المصالحة التي اكتشفنا انها مرت دون ان نشارك فيها، مع ان ورقة حماس كانت على مرمى حجر منا، خذ ثالثاً ما جرى على صعيد علاقاتنا مع إسرائيل التي أشهرت لنا عداءها بشكل سافر، ليس في حادثة “السفارة” فقط وانما في تعمدها تنظيم اخطر مؤتمر يمس عصبنا “الوطني” والوجودي معاً، خذ رابعاً التحولات الدراماتيكية في عمقنا العربي: الخليج ومصر والعراق ودورنا في كل هذه التغيرات واثرها علينا ايضاً.
حين ندقق في كل هذه التفاصيل، وما تحتها من “نوايا” وما فوقها من مفاجآت وتدبيرات، سنكتشف (ارجو ان نكتشف) بأن ظهرنا أصبح مكشوفاً، وبأن مقارباتنا في التعامل مع التحديات التي استجدت بحاجة الى مراجعات جذرية، وأكثر من ذلك بحاجة الى “هجوم” سياسي مدروس وموزون، يضع في اعتباره مصالحنا العليا دون أي نظر “لمسك” الخواطر، او لانتظار تحسن مزاج الآخرين، او مباركاتهم ايضاً.
اذا سألتني كيف؟ سأضرب لك قبل الإجابة مثلا مباشراً لما حدث في “مخيم” الرقبان الذي وافقنا على انشائه على بعد 3 كم من حدودنا بدوافع إنسانية، ثم تحول الى “قنبلة” موقوته يمكن ان تنفجر في وجوهنا...هذا الموقف الإنساني لم يحظ بأي اعتبار، لا من قبل الاشقاء ولا الحلفاء، وأصبح الأن مشكلة بلا حل، لكنه نموذج لما فعلناه بأنفسنا في السنوات الخمس الماضية، حين نحولنا الى “اسفنجة” امتصت أزمات الجوار المعقدة، ظنا منا ان دورنا سيحظى باحترام ودعم الآخرين.
يجب ان نغادر هذه “المنصة” على الفور، ونفكر جدياً في مصالحنا، لدينا اكثر من عنوان يمكن ان نذهب اليه: طهران التي تمدّ لنا يدها ويمكن ان تفتح لنا الأبواب المغلقة مع العراق ومع سوريا، حماس التي تحولت الى “لاعب” مهم يمكن ان نستعيد ورقتها التي كانت في أيدينا قبل سنوات، دول الخليج الني انحازت “للحياد” في الازمة الخليجية الأخيرة يمكن ان تعوضنا عن رهاناتنا القديمة على بعض الأشقاء الذين انشغلوا بأنفسهم.
لدينا عنوان أهم من ذلك بكثر وهو “مجتمعنا” الذي تغافلنا عن ترتيبه وتعمدنا أحياناً استفزازه، هنا لا بد ان نفكر جدياً في أعادة العافية له، وان نراهن على استقراره وتنمية وتفعيل قواه ودفع حركة السياسية لانعاشه، اعتقد انه الان خيارنا الحيد، ان شئت قرارنا الذي يجب ان نتوجه اليه في ظل ما يواجهنا من نكران هنا واستقواء هناك.
هل وصلت الرسالة ..؟ ارجو ذلك.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو