الخميس 2024-12-12 01:39 ص
 

لماذا تمتلك الحكومة ودائع بأكثر من مليار دينار؟

01:21 ص

الوكيل - العرب اليوم - رغم عجز الموازنة والمديونية التي قاربت 18 مليار ديناراضافة اعلان

المالية مطالبة بتفسير امتلاك الحكومة لهذا الكم الهائل من الودائع
مما يثير الاستغراب - لا بل الصدمة - أن تمتلك الحكومة الأردنية ودائع لدى البنوك التجارية بقيمة مليار دينار وهي العاجزة ماليا والمقترضة إلى الدرجة التي دفعتها إلى اتخاذ أصعب القرارات الاقتصادية قبل نهاية هذا العام.
المفاجأة لا تتوقف عند المبلغ الضخم بحد ذاته، بل تمتد إلى طبيعة هذه الودائع، حيث تظهر النشرة الإحصائية للبنك المركزي أن 90 بالمئة من هذه الودائع ليست تحت الطلب، إنما 'ودائع لأجل' يتم ربطها لمدة زمنية معينة مقابل سعر فائدة متفق عليه مع البنوك.
معنى ذلك، أن هذه الأموال غير مستخدمة في إدارة السيولة النقدية للخزينة، حيث إن استخدامها لهذه الغاية لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت هذه الأموال تحت الطلب وليست ودائع يتم ربطها لآجال طويلة وبأسعار فائدة مجزية.
مسلسل المفاجآت لم ينته بعد، حيث تأتي المفاجأة أيضا بأن هذه الأموال لا تتذبذب عبر الوقت إنما ثابتة أو تزداد كما تظهر نشرات البنك المركزي منذ سنوات، في دليل آخر على أن هذه الأموال ليست قائمة بهدف إدارة السيولة النقدية لخزينة الدولة.
لا يزال هناك مفاجأة أخرى، وهي أن هذه الأموال لا تمثل إيرادات الدولة المحصلة أو أموالها المزمع إنفاقها على أجور الموظفين ومشروعات الدولة الرأسمالية.
فمن جهة الإيرادات، تبين من قبل مختصين حكوميين أن إيرادات الدولة تحول إلى حساب الخزينة الموحد لدى البنك المركزي بشكل يومي ومن دون تأخير.
أما من جهة النفقات، فقد تبين بما لا يدع مجالا للشك أن أجور الموظفين تنفق قبل نهاية الشهر بأيام وبما يعني أن إجمالي الودائع كما في نهاية الشهر والمعلنة لدى البنك المركزي لا تشمل إنفاق الحكومة بأي شكل من الأشكال.
من جهة أخرى، يشكل مجموع الودائع الحكومية حسب نهاية كل شهر، رقما تراكميا سنويا يفوق حجم موازنة الدولة بمراحل، في إثبات صارخ، على أن هذه الأموال لا علاقة لها بإيرادات ونفقات الدولة من قريب أو بعيد.
تنبثق من المعطيات السابقة مجموعة من التساؤلات التي يفترض أن تجيب عليها وزارة المالية أو رئاسة الوزراء، حتى يتسنى للجميع فهم سبب وجود ودائع للحكومة بمليار دينار رغم عجزها المالي المقدر بـ 3.5 مليار دينار ومديونيتها التي قاربت 18 مليار دينار.
هل تشكل هذه الودائع فوائض أو احتياطات تمتلكها الحكومة الأردنية بهدف مواجهة أية ظروف طارئة ؟ وإذا كانت فعلا كذلك، فلماذا لا يفصح عن هذا البند الاستراتيجي في الموازنة السنوية للدولة؟.
هل تشكلت هذه الأموال نتيجة تعطل المضي في جملة من مشروعات الدولة المقررة سابقا وبالتالي يتم استخدام هذه الأموال حاليا على شكل ودائع؟ وإذا كانت الأمور فعلا كذلك فلماذا تتعطل هذه المشروعات إلا إذا كانت غير ذات أولوية؟ و ما هي أهمية هذه المشروعات في هذا الظرف الاقتصادي الصعب؟ وبالتالي لماذا لا يتم استخدام جزء من هذه الأموال في زيادة الدعم النقدي المقدم للشرائح الفقيرة أو حتى في سداد جزء من عجز الموازنة ومديونية الدولة؟
هل يمكن للحكومة إذا كانت فعلا تتبنى مبدأ الشفافية والمكاشفة أن تنشر وبالتفصيل هذه الودائع وإلى أية وزارات أو مؤسسات حكومية تعود ملكيتها، مع تفسير واضح لسبب وجود كل وديعة؟
عندما تحتسب الجهات الدولية الدين الصافي للمملكة، يتم طرح الودائع الحكومية لدى البنوك من إجمالي رقم الدين العام، في دليل على أن هذه الأموال غير معدمة ويمكن استخدامها إما في مزيد من الإنفاق أو في تخفيض مستويات العجز والمديونية.
فإذا قامت الحكومة بإنفاق هذه الأموال على مشروعات رأسمالية فإنها ستدفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام وتعزز من السيولة في القطاع المصرفي، من دون أن يزيد ذلك من عجز الدولة أو مديونيتها.
وإذا قامت الحكومة باستغلال هذه الأموال في مضاعفة الدعم النقدي المقدم للشرائح الفقيرة فإنها ستحقق العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية من دون أن يتأثر العجز أو تتأثر المديونية.
وإذا لم يكن هذا الاقتراح أو ذاك، فلماذا لا يتم استغلال هذه الأموال في سداد جزء من المديونية أو تخفيض جزء من العجز حتى يتسنى للأردن الحصول على مزيد من المنح والقروض الخارجية.
أما أن تبقى هذه الودائع على ما هي عليه، فلا يمكن تفسيره إلا بشبهات الفساد المالي والإداري أو بمحرمات بنود الموازنة التي أكدت الحكومة مرارا وتكرارا أن ليس لها وجود.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة