الأربعاء 2024-12-11 01:40 م
 

لماذا يتشبث النواب بالوزرنة ؟

01:09 م

لا أعتقد أن تخوف رئيس الحكومة من مشاركة النواب فيها يقوم فقط على تعطيل بعض قرارات الرفع المنوي اتخاذها، من خلال التلويح بالاستقالة، كما يعتقد بعضهم، بل لأسباب جوهرية، تُمكِّن الرئيس من القدرة على تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي..إلخ، من خلال فريق قادر على الانسجام والتفاهم والتخصص والخبرة. فأدوات تعطيل أي قرار للحكومة مسألة سهلة عند النواب، فهم دستوريا أصحاب الثقة بالحكومة ، والرئيس أكثر مَنْ يعلم بهذه الآليات، وبالتالي لا تخوف شخصي من مشاركة النواب.اضافة اعلان

تطلعنا كمراقبين بعدم مشاركة النواب لا يقوم على عدم قدرة أو كفاءة النواب، ولا فتح المجال للآخرين فقط ، ولا ضعف رئيس الحكومة، و تخوفه من سيطرة قرار النواب داخل مجلس الوزراء، وأيضا ليس للسبب الذي ذكره الرئيس، تخوفه من تشرذم الكتل فقط. فكلها أسباب لا ترتقي وحدها إلى معنى ومفهوم المشاركة من عدمها. ولعلّنا في هذا الباب نجيب على ذلك، من خلال السؤال التالي :- ما هو الأفضل لتعزيز المسيرة الاصلاحية، المشاركة أم عدمها. المشاركة التمثيلية للكتل أم مشاركة كلية، ما هو الأجدر، لمسيرة الوطن، وثقة المواطن، تعزيز دور النائب كنائب، كما أراده الناس، أم توزيره ليكون قادرا على صنع القرار وتنفيذه. وما هي السيناريوهات المترتبة على ذلك، ولمصلحة من ستكون؟!
تَخوُّف الرئيس من تمزق الكتل مسألة واردة، فبوادر التفكك حصلت في كتلة الاصلاح الديمقراطي، وانفصال سبعة نواب من أصل 24 وهذه مسألة سوف تتكرر وتتعزز مع ثبوت مشاركة الكتل، خاصة بعد دخول نواب بعينهم من كل كتلة. وعندها سنجد الخلافات والتحديات، وهنا؛ سيتراجع عمل المجلس، وستشهد الحكومة عراقيل عديدة، لن تمكنها من تنفيذ برامجها بالشكل المطلوب، وبهذا؛ نكون قد خرجنا من مسيرة العمل والاصلاح، وبالتالي خدمة المواطن.
إن صلاحية النواب داخل مجلس الوزراء، لا تختلف عن صلاحية أي وزير، فاجتماعات مجلس الوزراء لها أسسها ونواميسها وأعرافها، والرئيس هو رئيس الجلسة الذي يحدد مفاصلها وتفاصيلها وعناوينها، بحيث لا يسمح لأحد بتجاوز الخطوط الحمر أو المزاودة عليها، أو التفكير في غير ما يخدم الأهداف الوطنية، ويحققها، باختيار ما هو أنسب وأفضل وأمثل من رأي أو قرار.
جميعنا ينظر باحترام لكفاءة وقدرة النواب، وثقة الناس بهم، وهذه الميزات لا بد وأن تبرز وتظهر في مجلس النواب، باعتباره الأساس، ومطبخ السياسات والتشريعات التي تحكم مسيرة الوطن، وهذا بدوره يفوق كثيرا حجم المسؤولية عند الوزير الذي دوره تنفيذيا لا يستطيع به الخروج على ما شرّع النواب وخطّته أقلامهم.
الحقيقة أن ديمومة الحكومة مرهونة أساسا بما تقدم وتعمل، وبالتالي قدرتها على تحمل المسؤولية بمعانيها وأبجدياتها كاملة، مستلهمة دائما من الخطط والبرامج التي توافقت بها مع النواب، ليترجم ذالك كله إنجازا يلمسه المواطن ويشعره بأن تغييرا إيجابيا قد طرأ على متغيرات حياته ، أو لنقل إحساسه أن نتائج ايجابية لمعاناته وصبره ستنعكس عليه لاحقا، وهذا هو هدف النواب أساسا.
من المفروض، أن يكون النواب أكثر حرصا على أداء الحكومة، باعتباره مقياس رضا الشعب، وبالتالي ديمومة المجلس والحكومة، فللنائب دور، كما للوزير دور آخر لا بد أن يكتملا لا أن يتقاطعا، والجمع بينهما سيحدث خللا كبيرا، على اعتبار أن الدور التنفيذي سيطغى على العمل النيابي. لأن صلاحيات النائب أقوى من صلاحيات الوزير، ودخول النائب وزيرا يضعف دوره وممارساته، ويحريفه عن رغبة الناس وطموحهم. وبالوقت نفسه انتقاص لحق الوطن الذي يريد نائبا ممثلا له ووزيرا قويا، متواصلا مع الناس منتجا ومنجزا على الدوام .
أيها السادة النواب؛ تريثوا .. وتريثوا، وحافظوا على طبيعة المجلس ودوره ، فإذا وزّر 25 نائبا، فماذا سيحل بالبقية، وما هي ردات فعلهم ، اسألوا أنفسكم واختاروا الأنسب للوطن. فالناس ما زالوا يراقبون سلوككم وحركتكم واقوالكم. حمى الله هذا الوطن.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة