لن نبتهج بقصف التحالف الثلاثي 'الأميركي والبريطاني والفرنسي' لسورية، والذي استمر ما يقارب الساعة، وأعلن وزير الدفاع الأميركي، عن انتهاء العمليات العسكرية. لم ولن نصمت في الوقت ذاته، عن القتل المستمر ضد الشعب السوري منذ سبع سنوات، ويتحمل مسؤولية ذلك النظام السوري وقواته، ولا نعفي من المسؤولية أبداً الميليشيات العسكرية والقوى الإرهابية.
ندرك بوضوح، أن الشعب السوري هو الضحية الأولى في هذا الصراع، ولا ينظر المتصارعون في سورية لمعاناة هذا الشعب، فهو ليس أكثر من رقم في معادلة المصالح، لا يشعرون بفداحة المأساة بعد قتل ما يقارب 500 ألف إنسان، ونزوح ولجوء ما يقارب 12 مليوناً، وتدمير البنية التحتية، والبيوت والمصانع، وتحويل بعض المناطق لمدن للأشباح، لا يعرفون أن هذا الأذى الإنساني ونزيف الدم لا توقفه بيانات التنديد والاستنكار.
مضحك حد البكاء أن يكون القتل بالأسلحة الخفيفة، والثقيلة، والطائرات، والمدفعية، وبراميل المتفجرات مباحاً شرعاً، والحرام الوحيد في هذا الصراع الدولي استخدام الأسلحة الكيميائية.
طوال السنوات الماضية، ظلت سورية ساحة للصراع، والتجاذبات، واستعراض القوة بين القوات الدولية والإقليمية، ولا يوجد ما يمنع دول العالم الكبرى من أن تجرب أسلحتها، فالرئيس الأميركي كان يعد ويهدد الرئيس الروسي بوتين 'بأسلحة ذكية'، والآخر كان يرد ويعد بمفاجآت لن تتوقعها القوات الأميركية.
شعرت وما أزال، وكأننا أمام منافسة في مباراة كرة قدم، الكل يحاول إظهار مهاراته، وليس حرباً وصواريخ تدك الأرض، ولا نعلم كم سنخسر من ضحايا أبرياء خلالها.
لا تريد إدارة الرئيس الأميركي ترامب، أن تغير نظام الأسد من خلال ضرباتها الصاروخية، والطريف في الأمر أنها قبل أيام من اتهام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية في دوما، كان ترامب يلوح فجأة بأنه سينسحب من سورية حتى من دون التشاور مع إدارته.
وحتى لو قرر ترامب الآن مع حلفائه الإطاحة بالأسد، فإنني أعتقد أن الوقت قد فات وتأخر على هذا القرار، وهم لن يستطيعوا تنفيذه على أرض الواقع بعد أن استعاد النظام بدعم روسي وإيراني السيطرة على غالبية الأراضي السورية، وبالتالي الضربات الصاروخية ستربك قوات النظام، وقد تدمر بعض المطارات والقوات الجوية، وستؤخر حسم المعارك ليس أكثر.
الأهم في هذه الضربات أنها رسالة للروس، بأنهم لن ينجحوا في تغيير قواعد اللعبة من دون التفاهم مع الأميركان والأوروبيين، وبأنهم مهما فعلوا وحدهم لا يستطيعون تثبيت شريعة النظام، وفي الوقت ذاته فإن الضربات تستهدف إيران وحليفها 'حزب الله' بالقدر الذي تستهدف نظام الأسد، وهي الخطوة الأولى في طريق إدارة ترامب 'الصقورية' للعودة الى حصار النظام الإيراني، وفرض مزيد من العقوبات عليه، قبيل التنصل من الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق أوباما.
أردنياً، أي معركة على جواره تشكل إزعاجاً وقلقاً، فالأردن يريد حدوداً آمنة مستقرة، والخوف أن تكون الهجمات فرصة لتمدد القوى الإرهابية الممثلة بـ'داعش' و'جبهة النصرة' وتفريخاتهما.
الضربات ستؤخر أي حل سياسي كان يلوح في الأفق، وسيطيل أمد الأزمة، ما يعني أن الحدود البرية ستبقى مغلقة مع الأردن، ما يزيد المصاعب الاقتصادية، ويؤخر أي حالة استبشار بعودة خطوط التجارة البرية المارة عبر الأراضي السورية.
حسم نظام الأسد معارك الغوطة، وكان يتهيأ للانتقال للجنوب السوري لاستعادة سيطرته على المناطق الحدودية المتاخمة للأردن، وهي معركة كانت تتحسب منها عمان، وتعتقد أنها ستعرّض أمنها للخطر، وستنهي تجربة مناطق التهدئة وخفض التوتر، وتخشى من تزايد احتمالات اللجوء الى الأردن، والمخاوف من محاولات اختراق 'جيش خالد بن الوليد' المبايع لـ'داعش' للحدود الملتهبة.
في ظل الهجمات، فإن تقدم قوات الأسد سريعاً بعد الغوطة نحو الجنوب السوري لحسم المعركة يبدو مستبعداً، وبات الأمر أكثر تعقيدياً.
لن تغير الضربات الصاروخية المشهد السوري، وكل ما في الأمر فرصة لكل المتصارعين لإعادة التموضع من جديد، وتذكير الجميع أن اللاعب الأقوى خارج سورية وأوراق الحسم بيده.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو