الوكيل - تشكل لوحات الفنانة غنية عماني المعروضة في المركز الثقافي الجزائري حتى نهاية الشهر الجاري حالة إبداعية جزائرية غير مسبوقة، مكنتها من تحويل معايشة شخصية وحنين حضاري وتراثي إلى مشهدية تشكيلية حديثة وشفافة.
واستطاعت غنية تمرير رسالتها بتقنيات لافتة مكنتها من التوفيق بينها وبين الوسيلة على أكثر من صعيد فني وجمالي.
ويكمن سر توفيق غنية المبدئي في تفاديها مطب الذاتية التي عادة ما تفرضها العلاقة الشخصية بمضمون العمل، متجاوزة الإطار الضيق لفضاء بلدها الحضاري الأصلي، ومتواصلة بروح إنسانية مع ثقافات شعوب أخرى ومعتمدة على مقاربة فنية ووسائط ومواد وأساليب تشكيلية عديدة ضمنت بها صدقية أكبر.
كما أن غنية مراهنة على موهبتها لتكريم نساء الهوية والذاكرة ونساء النضال والإبداع والالتزام، ومسوية بين العاديات والمجهولات والنجمات التاريخيات من منظور دورهن الحيوي في كل الحالات، باعتبارهن نصف المجتمع ومصدر الحياة والتغيير والتوازن مثلهن مثل الرجال.
تشخيص غير تقليدي
تنوعت المقاربة الفنية التي انتهجتها غنية عماني من خلال ثلاث محطات تمحورت حول التشخيص الذي تجاوزت شكله التقليدي المعروف بسرعة رامية الزائر في أحضان شغل تشكيلي بديع استنطقت من خلاله ترسانة وسائط بمزجها بين الرسم والدهن والقولبة والنحت والنسخ والدمغ الوشمي.
ووظفت غنية الوسائط المذكورة موفقة بين تشخيصية متنوعة التوظيف شكلا ومضمونا ومركزة على اللون الأحمر الطاغي والمعبر عن خلفية سميولوجية تعكس مفهوم التضحية من ناحية، وتعبر عن استخدام مدروس ومنهجي لخاصيات التجلي والترصيع والتنقيطية من ناحية أخرى، الأمر الذي ضمن احتفالية تشكيلية توازنت شكلا مع معاني وأبعاد حركات وقسمات وحلي ولباس وتعابير النساء المكرمات في لوحات حميمية ودافئة.
اللافت أيضا في لوحات الفنانة عماني، تخطيها بتصور مدروس نهج التشخيص التقليدي وذلك بانطلاقها من نساء العمق الإنساني المجهول في الهند والتيبت والنيبال وأفريقيا وأميركا اللاتينية وتوقفها عند نساء اشتهرن بالتزامهن الفني والنضالي مثل الأمهات الشيليات المتظاهرات من أجل أبنائهن المختطفين مرتديات المناديل البيضاء.
بالإضافة إلى المطربة الشهيرة الراحلة إيفوريا سيزاريا والمناضلة الأميركية السوداء روزا بارك التي رفضت ترك مكانها لأبيض تعبيرا عن مناهضتها التمييز العنصري، ورفيقة دربها أنجيلا دايفيس فضلا عن بيليه هوليديز مطربة الجاز والأم تيريزا الألبانية التي قضت حياتها تخدم الفقراء.
عراقة ثقافية
الحس الإنساني لم يتناقض لدى عماني مع تشبثها بانتمائها الثقافي العربي والأمازيغي وأضحى أسير استخدامها الفني الشفاف للأكواريل والزيت والخشب والمعدن تكريسا وتجسيدا لموضوع التزامها المبدئي المذكور.
وتمثل ذلك في رسمها وجوه وجلسات ولباس وحلي نساء جزائريات يمثلن الذاكرة والطفولة والتراث الثقافي والأمومة والأواصر العائلية وأبدعت في رسمها الجدة الساهرة المعروفة باسم 'ماني' في الأسر الجزائرية.
عرس الألوان والمواد والوجوه والأساليب لم يتوقف على الأحمر الطاغي والأصفر والبني والأزرق وعلى الرسم اعتمادا على الأكواريل والزيت في المحطة الأولى والثانية، وحققت توازن مقاربتها التشكيلية في المحطة الثالثة بتشكيلها بعض الوجوه النسائية بقطع معدنية وخشبية جمعتها وتعودت على استخدامها وهي تلميذة في المدرسة، على حد تعبيرها للجزيرة نت.
وعماني من مواليد عام 1968 بمانوسك التابعة لمقاطعة ألب أوت بروفانس جنوبي شرقي فرنسا ومنحدرة من عائلة مهاجرة جزائرية الأصل، ودرست اعتبارا من عام 1989 في مدرسة الفنون الجميلة بباريس وأوقفت مهنتها الفنية مؤقتا عام 1992، ثم راحت تجوب عدة بلدان أفريقية وأميركية وآسيوية من منطلق ميلها لثقافات الشعوب، وهذا ما عكسته في كافة لوحات معارضها داخل وخارج فرنسا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو