ربما تتفق نسبة كبيرة من الأردنيين اليوم على أنّ مجلس النواب الحالي، كما هي المجالس الأخيرة، يعاني من اختلالات بنيوية مرتبطة بقانون الصوت الواحد، والدوائر الفرعية، وغياب القوى المنظّمة التي تمتلك رؤية مصقولة للمشكلات والأزمات، ما يجعل جزءا كبيرا من نشاط المجلس وفعالياته أقرب إلى الطابع العشوائي؛ الفردي والارتجالي، بالرغم من محاولات تحسين الصورة وتعديل النظام الداخلي بشكل يجعل من الكتل النيابية بنية أساسية في ديناميكية المجلس.
إذن، نتحدث عما يمكن أن نسميّه 'تشوّهات خَلقية' في المجلس الحالي، تدفعنا إلى خفض سقف التوقعات إلى ما دون الحدّ الأدنى المطلوب من عمل المجلس التشريعي والرقابي. فمن يحاكم ويسائل هم من وقفوا وراء تقزيم هذه المؤسسة عبر قانون مخجل، بعد أن أعادوا له، بالتعديلات الدستورية، جزءاً كبيراً من سلطته المفقودة.
لسنا متأكدين بعد من أنّ هذه النخبة أدركت حجم الجريمة التي اقترفتها بحق المجلس والوطن، أم أنّها -وهذا أغلب الظن- ما تزال مؤمنة بأنّ 'البلد لا يتحمل مجلس نواب قويا'!
من المهم أن نستحضر المقدّمة السابقة عندما نراقب عمل مجلس النواب ونقيّمه، حتى لا نحمّله فوق طاقته. لكن بعد ذلك، من الضروري أن نشاهد داخل هذا 'الإطار السلبي' بعض الملامح المشرقة والإيجابية للصورة؛ فمن الظلم الاكتفاء بحكم مبدئي مطلق على المجلس، إذ هناك نواب وجهود تبذل كبيرة لتغيير هذه الصورة التي تكاد تصبح نمطية عن المجلس، وثمة عمل لا يقل قوة ولا أهمية عن المجالس السابقة، التي لم تكن -على أيّ حال- أحسن كثيراً من المجلس الحالي!
لا نملك إلى الآن تقييماً متوافقاً عليه نهائياً لعمل المجالس السابقة، منذ عودة الحياة النيابية في الأردن. لكن باستثناء 'الصورة الشعبية' الوردية لمجلس 1989، فإنّ أيّاً من المجالس السابقة (التي عملت جميعاً تحت سطوة قانون الصوت الواحد) لم يترك آثاراً مغايرة تماماً للمجلس الحالي، بل على صعيد 'المشاغبة' و'النديّة' للحكومة، قد يكون المجلس الحالي أقوى نموذج من النماذج الأخرى، حتى تلك التي شاركت فيها جماعة الإخوان المسلمين، بوصفها التنظيم المعارض الأكبر والأكثر حضوراً في المشهد السياسي!
'الإخوان' والمعارضة شاركا في انتخابات 1993، و2003، ولم يحدثا فرقاً كبيراً في عمل مجلس النواب، فالعلاقة اختلت جوهرياً مع الحكومة بعد تجربة 1989، التي كانت استثنائية، والتي لم تكن قوتها من تركيبة المجلس فقط، ذات النزعة المعارضة الشرسة، بل من طبيعة 'المرحلة السياسية' التي تميّزت بوجود إرادة تحوّل وتغيير لدى 'صانع القرار' نفسه، مع نخبة سياسية تدفع نحو التعامل مع 'كلفة الديمقراطية'، ما أدى إلى ولادة الميثاق الوطني، وإزالة الإرث التشريعي الكامل المرتبط بالحياة العرفية من قوانين وأنظمة، قبل أن تأتي محادثات السلام مع إسرائيل وتجلب معها قانون الصوت الواحد الذي وأد تلك المرحلة، ودفع مرّة أخرى نحو المسار المعاكس لتلك اللحظة التاريخية الاستثنائية!
ما أريد الوصول إليه هو أن هناك شريحة من النواب تحاول إحداث فرق ضمن المدخلات المعروفة، وفي مواجهة حكومة تضع في جيبها قراراً باستمرارها لأطول فترة ممكنة. إذ مع ذلك نسمع أصواتاً ناقدة قوية للحكومة، ولا تكتسب الثقة بالدرجة نفسها التي حازتها في المجلس السابق (أي نسبة 90 %)، وهنالك محاولة للتعبير عن ممانعة رفع تعرفة الكهرباء وتعديلات على قانون غسل الأموال جيدة، وتحصيل نتائج إيجابية عبر المبادرة النيابية، وبعض السيدات النواب اللواتي قدّمن صورة جيدة مختلفة عن المرأة.. فدعونا ننصفهم في الحدّ الأدنى، فالذنب، مرّة أخرى، ليس ذنبهم!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو