الجمعة 2024-12-13 05:24 ص
 

ليكن .. الإصلاح الاقتصادي أولا

10:24 ص

تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة الحراك المطلبي، بعد أن خبت لفترة ليست قليلة. الأسبوعان الأخيران شهدا جملة من الإضرابات العمالية والاعتصامات المطلبية، طالت قطاعات حيوية ومرافق استراتيجية، كمصفاة البترول التي ما يزال اعتصام مهندسيها مفتوحا، ومن قبله اعتصام عمال شركة الفوسفات. وفي اليومين الماضيين، تصاعدت حركة الاحتجاج في أوساط مزارعي غور الأردن. ومنذ أيام، تلوّح نقابة المعلمين بخطوات تصعيدية إذا لم تلب حزمة من مطالبهم الوظيفية والمعيشية.اضافة اعلان

هذه الحركة المطلبية الدؤوبة، تذكر بحالة مماثلة شهدتها المملكة في السنة الأولى (2011) من سنوات ما عرف بالربيع العربي؛ لا بل إن حركات الاحتجاج المطلبي سبقت الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح، وفي أحيان كثيرة اتكأ الحراك السياسي على المطلبي في الشارع.
في تلك المرحلة التي امتدت حتى نهاية العام 2012، لم تتأخر الحكومات والشركات التابعة لها في الاستجابة لمطالب العمال والموظفين، وكلف ذلك الخزينة مبالغ طائلة. لكن غلاء المعيشة في الأردن تكفّل بشفط الزيادات على الرواتب، ووجدت غالبية القطاعات الشعبية نفسها في دوامة ضيق الحال من جديد، فاتجهت مرة أخرى إلى الشارع. بيد أن الوضع مختلف جذريا هذه المرة؛ فالحكومة التي تبنت أقسى برامج التقشف، وقلّصت الدعم الاجتماعي إلى أقل مستوى ممكن، غير مستعدة على الإطلاق لتبديد ما تعتبره إنجازات جنبت البلاد وضعا كارثيا، ولن تقدم أي تنازلات كما فعلت حكومات من قبل، ناهيك عن أن وضع المالية العامة للدولة لا يعطي الحكومة مثل هذا الهامش.
ربما تكون الحكومة على صواب في تشددها؛ فقد أثبتت التجارب السابقة أن باب التنازلات الفئوية إن فُتح، فإنه لن يكون بالإمكان إغلاقه، فما إن تحقق فئة من الموظفين أو العمال مكسبا، حتى تبادر أخرى إلى الاعتصام والإضراب طمعا بتنازل مماثل.
لكن الحقيقة الأهم من ذلك، هي أن الأغلبية الواسعة من القوى الاجتماعية تصارع للاحتفاظ بالحد الأدنى من مقومات المعيشة اللائقة. وإذا كان مهندسو المصفاة وعمال الفوسفات ليسوا من بين هذه الفئات كما تشير معدلات رواتبهم، فإن المعلمين وصغار الموظفين والعمال، في مقدمتهم من دون شك.
لم تحلّ الزيادات والحوافز، وإعادة الهيكلة، المشكلة، بدليل استمرار حالة التذمر الشعبي من ضغوط الحياة. ذلك يعني أننا إزاء مشكلة تحتاج لمعالجة اقتصادية، وليس حلولا جزئية وترقيعية استجابة لضغط هذه الفئة وتلك.
إننا أمام معادلة شائكة لا بد أن نختار أحد طرفيها لحلها؛ إما أن تتبنى الحكومة سياسات تخفف من كلف الحياة على المواطنين، أو تلجأ إلى إجراءات اقتصادية ترفع من قدرتهم على الوفاء بالتزاماتها المتنامية.
أي تصور لمواجهة معضلة الاقتصاد الأردني ينبغي أن تأخذ في الاعتبار هذه المعادلة. وأي خطط لإنعاش الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة المواطنين، لن يكتب لها النجاح، إذا لم تتصد لهذه الإشكالية.
يرى ساسة ومسؤولون ورجال دولة أن الأولوية في الأردن هي للإصلاح الاقتصادي على السياسي. ليكن؛ الميدان أمامكم لتحقيق اختراقات جوهرية فيما ترون أنه أولوية.
ربما يكون العمال والموظفون والمزارعون قد اقتنعوا بوجهة النظر هذه، فعادوا للتظاهر والاعتصام في الشوارع، لا للمطالبة بالإصلاح السياسي وتعديل قانون الانتخاب، بل للمطالبة بالإصلاح الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة، كما تدّعون أنتم.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة