الوكيل - بعد يومين من المؤتمر الوطني الذي عقدته وزارة التربية والتعليم، وقدّمت فيه صيغة مقترحة لتطوير امتحان التوجيهي، حظيت، بحسب تعبير مسؤولين في الوزارة بـ'شبه إجماع'، عُقد في فندق حياة عمان، تحت رعاية نقيب المعلمين مصطفى الرواشدة، مؤتمر آخر 'مضاد'، حشدت له اللجنة التحضيرية لحراك معلمي الإدارة المعلوماتية والحاسوب.
ونفى الحضور، في المؤتمر المضاد، أن يكون مقترح الوزارة حظي بـ'شبه الإجماع'، واتهموها بـ'التفرد في صنع القرار، وتهميش المعنيين بالقضية'، وعلى رأسهم المعلمون العاملون في الميدان.
وأثبتت حدّة الانتقادات التي وُجّهت إلى مُقتَرَح الوزارة، أن سوء الحظ ما يزال ملازماً لمؤتمر تطوير التوجيهي، الذي كانت الوزارة بدأت الإعداد له العام 2009 في عهد وزير التربية الأسبق الدكتور وليد المعاني، ومرّ على خمسة وزراء، وحُدّدت له عدّة مواعيد، كان أولّها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، لكنه ظل يُؤجّل بسبب التغيير المستمر للوزراء، وهو ما كاد يحصل مؤخراً، إذ تغيّرت الحكومة قبل يومين من موعد انعقاده، لكن الوزارة اختارت هذه المرّة أن تمضي فيه.
مؤتمر الوزارة، كما قال لـ'الغد' عضو اللجنة التحضيرية للحراك المدعوم من نقابة المعلمين المعلم خالد غياضة، كان 'شكليّاً، إذ تضمنت ورقة العمل التي أعدتها الوزارة مجموعة من الصيغ المقترحة، لكن الوزارة لم تطرح للنقاش في المؤتمر سوى صيغة واحدة هي التي كان من الواضح أنها تتبناها بقوة، وأنها سائرة في تنفيذها رغم وجود العديد من الاعتراضات الأساسية عليها'.
صيغة الوزارة المقترحة
خصصت الوزارة مؤتمرها لعرض ومناقشة ورقة عمل، تضمّنت خمسة بدائل مختلفة لامتحان التوجيهي الجديد، أربعة منها، كما ذُكر في الورقة، تمّت صياغتها بالاستناد إلى آراء مختلف الجهات المعنية بالامتحان من خبراء ومعلمين وطلبة وأولياء أمور وغيرهم.
وما هو مهم هنا هو البديل الخامس، وهو الصيغة التي تبنتها الوزارة، بوصفها الصيغة الأمثل التي تجمع 'مزايا' البدائل الأخرى، وعرضتها في ورقة العمل، وفي المؤتمر، على أنها الآلية التي من المقرر اعتمادها للعام الدراسي 2013/ 2014، وتتضمن الكثير من التفاصيل، لكنها تقوم، باختصار، على أن يُعقد امتحان التوجيهي على عامين بدلاً من عام واحد، وفق التالي: يتم إلغاء فروع الإدارة المعلوماتية والصحي والشرعي، وتحوّل الدراسة إلى مسارين، أكاديمي ومهني، مدة كل منهما سنتان، وينقسم الأكاديمي إلى فرعين، الأول علوم اجتماعية وإدارية، والثاني علوم ورياضيات، في حين ينقسم المهني إلى صناعي، زراعي، فندقي وسياحي، واقتصاد منزلي.
أما بالنسبة للمسار الأكاديمي، فيكون على النحو الآتي: تكون هناك مباحث مشتركة يجب على جميع الطلبة دراستها، وهي الثقافة الإسلامية، اللغة العربية المستوى العادي، اللغة الإنجليزية المستوى العادي، الرياضيات المستوى العادي، الثقافة العامة، التربية الرياضية، وكل واحد من هذه المباحث سيتم امتحان الطلبة فيه خلال الأول ثانوي، في ورقة واحدة آخر العام الدراسي.
ولكل فرع مجموعة مباحث تخصصية، بعضها إجباري، والآخر اختياري، وهذه يدرسها الطالب خلال الثاني الثانوي، وأيضا يتقدّم لكل مبحث منها لامتحان واحد يعقد نهاية العام الدراسي.
بالنسبة للمسار المهني، فإن الطالب، وفق النظام الجيد، يحصل على شهادة توجيهي تؤهله (فقط) للالتحاق بسوق العمل وكليات التعليم المتوسط، إذا اجتاز خلال عامي التوجيهي امتحانات (وزارية) في الثقافة الإسلامية، الثقافة العامة، الرياضيات المستوى العادي، اللغة العربية واللغة الإنجليزية، امتحانات (مدرسية) في مبحثي العلوم الأساسية، ومباحث العلوم المهنية.
أما إذا أراد طالب المهني الالتحاق بالجامعة، فإن عليه (بعد) حصوله على شهادة التوجيهي سابقة الذكر، دراسة المباحث التخصصية في الفرع الأكاديمي الذي يختاره، علوم ورياضيات، أو علوم اجتماعية وإدارية.
أما الصيغة التي اقترحتها الوزارة فلم تقتصر فقط على عامي التوجيهي، لكنها أيضا وضعت تصوّرا للآلية التي يتم اعتمادها من أجل 'توزيع' الطلبة على فروع التوجيهي المختلفة.
ووفق الآلية الجديدة، يتم توزيع الطلبة بالاستناد إلى معدل يتم احتسابه من خلال امتحانات تجرى للتلاميذ في صفوف الرابع والسابع والعاشر، إضافة إلى ملف تراكمي يرصد أداء التلميذ منذ دخوله المدرسة، حيث سيكون معدّل الطالب المعتمد للتشعيب هو مجموع: 20 % لامتحان الصف الرابع، و30 % من امتحان الصف السابع، و40 % من امتحان العاشر، و10 % لملف أعمال الطالب.
الاعتراضات على الآلية الجديدة
كان معلمو الإدارة المعلوماتية والحاسوب في طليعة من حشد لمؤتمر الرد على مقترح وزارة التربية، وكما علمت 'الغد'، تم تمويل اللقاء بشكل ذاتي من أعضاء اللجنة التحضيرية، إضافة إلى دعم موقع الأوائل التعليمي الإلكتروني.
كما كان معلمو الإدارة المعلوماتية، في طليعة 'ضحايا' الآلية الجديدة في حال تنفيذها، إذ يتضمن النظام الجديد إلغاء فرع الإدارة المعلوماتية، وإلغاء بعض موادها، وتحويل موادها الأخرى، ومن بينها الحاسوب، إلى اختيارية، وهذه بحسب عضو اللجنة التحضيرية محمد أبو خاطر 'ضربة' لمعلمي هذه التخصصات.
أما المشرف التربوي في قسم مؤشرات الأداء في مديرية الامتحانات الدكتور محمد كنانة، فأكد إلى 'الغد' أن وضع معلمي هذه التخصصات في الوزارة 'آمن'، وأنه لن يتم 'أبداً' الاستغناء عن أي منهم، بل سيتم توجيههم لتدريس مواد أخرى، منوّهاً إلى أن الوزارة اتجهت إلى إلغاء الإدارة المعلوماتية والشرعي والصحي بعد أن 'اكتشفت أنه لا نظام في العالم يتضمن التقسيمات التي يتضمنها نظام التوجيهي الأردني'.
وتساءل أبو خاطر عن المواد الأخرى التي يمكن لمعلم حاسوب أو محاسبة مثلا أن يدرسها، وبحسبه، فإن هذا القرار يعني أن معلمي هذه التخصصات في الوزارة سيصبحون 'بطالة مقنعة'، وفي مدارس القطاع الخاص 'الذي يخضع للعرض والطلب'، فإنهم سيفقدون فرص عملهم، مذكّرا أنه 'في العام 2003 تم إلغاء الفرع التجاري وأقرت الإدارة المعلوماتية، وفي 2007، أحدثت تغييرات جذرية على المنهاج، والآن يسعون لنسفه، وكل هذا حدث خلال سنوات قليلة، وفي كل مرة يقولون دراسات، ولكن في الحقيقة هذا تخبّط'.
ويعلق عضو اللجنة أبان الهندي على هذه الجزئية بقوله 'إن هذا يتعارض أولا مع التوجه العالمي نحو تكنولوجيا المعلومات، ويتعارض أيضا مع أهم قاعدة من قواعد تطوير أي منهاج وهو ربط ما يدرسه الطالب في المدرسة بما سيدرسه في الجامعة'.
ومن الأسئلة التي أثيرت في المؤتمر أيضا، سؤال الكلفة، التي من المفترض أن الامتحان جاء ليقللها، لكنه كما ذُكر في المؤتمر سيزيدها، فوفق النظام الجديد ستكون هناك دورة تكميلية للطلبة الراسبين، وللذين يرغبون في إعادة أوراق امتحانية لرفع معدلاتهم.
وتقرر أن تعقد هذه الدورة لكل امتحان بعد شهر من عقده، ما يعني أن الدولة وأجهزتها ستنشغل بعبء إضافي، يأتي على شكل رواتب مصححين ومراقبي قاعات، وغيرهم، مع ملاحظة أنه في النظام القائم يتم تحمل كلفة تصحيح 18 ورقة امتحانية في كل دورة، ولكن مع الدورات التكميلية فإن العدد سيرتفع إلى 22 ورقة في كل دورة.
إضافة إلى ما سبق، أشار المؤتمرون إلى تخصيص نسبة من المعدل الذي يحدد توزيع الطلبة على فروع التوجيهي، بالاعتماد على ملف أعمال الطالب، الذي يرصد أداءه طوال عشر سنوات، وتساءلوا عن 'واقعية' إجراء كهذا.
أما أبرز الاعتراضات، فكانت أن هذا النظام، وفي الوقت الذي من المفترض أن يخفف الضغط النفسي لامتحان التوجيهي، ضاعفه عندما مدد الامتحان على سنتين بدلا من واحدة، وعرّض للتوتر فئات جديدة، هم تلاميذ صفوف الرابع والسابع والعاشر، الذي تقرر إجراء امتحانات لهم تحدد توزيعهم على فروع التوجيهي.
الرواشدة: على وزارة التربية أن تكون منفتحة
نقيب المعلمين مصطفى الرواشدة، الذي كان شارك في مؤتمر وزارة التربية، كشف أثناء كلمته في مؤتمر اللجنة التحضيرية، أن النقابة تقوم الآن بإعداد ورقة عمل ترد فيها على مقترح وزارة التربية.
ووفق الرواشدة، فإنه لا يمكن أبدا إنجاز أي تطوير وتغيير في أي نظام بدون أن تتم مراعاة أن يكون هذا التغيير 'ممكناً، أي أن تكون هناك الإمكانات المادية والبشرية التي تجعله قابلاً للتحقيق، والسؤال هنا، هل الورقة التي تقدمت بها الوزارة قابلة فعلاً للتطبيق؟'.
أمر آخر أشار إليه الرواشدة، كشرط للتطوير، وهو أن يكون سلساً ومقبولاً لدى الفئات التي يستهدفها، وإلا فإنه لن يجد 'آذاناً صاغية'، داعياً الوزارة إلى 'استكمال' جميع مراحل التشاور مع المعنيين من معلمين وطلبة وأولياء أمور، قبل السير قدماً في تطبيق الآلية الجديدة.
الرواشدة الذي دعا الوزارة إلى أن تكون 'منفتحة' على أصحاب الخبرة، بمن فيهم المتقاعدون، نبّه على أنها في مشروع كتطوير امتحان الثانوية العامة 'لا يجب أبداً أن تكون أسيرة لعامل الزمن، إذ يبدو أنها تريد اللحاق بموعد معين لتطبيق النظام، وهذا خطأ'.
وطلب الرواشدة من وزارة التربية 'الانفتاح'، في وقت تؤكد فيه أنها كذلك، ووفق كنانة، فإن هذا المقترح ليس صنيعة وزارة التربية، قدر ما هو 'صنيعة المجتمع'.
وبحسب كنانة، اعتمدت الوزارة العديد من قنوات التواصل مع الجهات المعنية، إذ كلفت العام 2009 مركز الدراسات الاستراتيجية بإعداد دراسة تستطلع آراء الطلبة حول التوجيهي، وقامت بعقد 3 ورشات عمل توزعت على محافظات الشمال والوسط والجنوب، وشارك في كل منها ما لا يقل عن 80 مشاركاً يمثلون الجهات المعنية بالامتحان.
إضافة إلى أنها كلّفت أقسام الامتحانات في مديريات التربية بإرسال ما لديهم من ملاحظات على الامتحان إلى الوزارة، وقامت الوزارة، كما يقول كنانة، وبعد صياغة البدائل المختلفة للامتحان إلى مديريات التربية، وطلبت من كوادرها إبداء ملاحظاتها عليها، وكان هناك 'شبه إجماع على الآلية التي اقترحتها الوزارة'.
وبسؤال كنانة، إن كان من بين قنوات التواصل، واحدة توجهت إلى المعلمين في مدارسهم، أجاب بأن مديريات التربية على تماس مباشر مع الميدان، وهم خبراء في كل المشاكل المتعلقة بامتحان التوجيهي.
لكن المعلمين أصروا على أن الوزارة مارست ضدهم 'التهميش'، ووفق المعلم أحمد الراميني، فإنه كان على الوزارة أن تفعّل آليات للتواصل، تمكّنها من الوصول إلى أكبر مساحة من المعنيين بالامتحان، وعلى رأسهم المعلمون 'عندما يتحدثون عن التطوير التربوي، فإن هناك سؤالا يتكرر في أوساط المعلمين: أين نحن من هذا التطوير؟'.
عايش: مفارقة تخفيف التوتر بزيادة الامتحانات
الخبير التربوي حسني عايش، الذي شارك في مؤتمر اللجنة التحضيرية، حمل بشدة على الآلية المقترحة، وقال ساخراً إن خبرها لو جاء في الأول من نيسان 'لاعتقدنا أنها كذبة'.
وعلق عايش على مفارقة مفادها أن النظام الذي جاء ليخفف الضغط النفسي على طلبة التوجيهي وأولياء أمورهم، لم يكتف بتعظيم هذا الضغط من خلال إخضاع الطلبة لأربعة امتحانات توجيهي بدلاً من اثنين، ولكنه أيضاً وسّع دائرة من يعيشون رعب الامتحانات، باقتراحه أن يخضع تلاميذ صفوف الرابع والسابع والعاشر لامتحانات، تحدد علاماتها في ما بعد توزيعهم على فروع التوجيهي.
وتساءل عن الآلية التي ستتم بها إدارة كل هذه الامتحانات، لهذه الأعداد الهائلة من الطلبة، في الوقت الذي 'تعجز' فيه إدارة الامتحانات سنة بعد أخرى عن إدارة امتحان التوجيهي لمئة ألف طالب، وهو امتحان 'مهدد دوماً بسرقة الأسئلة، والغش، والتفتيش، والاقتحام'.
ودعا عايش إلى 'إلغاء' جميع أنماط الامتحانات، والاستعاضة عنها بآليات تقييم (Evaluation)، وآليات تقويم (Correction)، بحيث يتم تقييم عمليتيْ التعلم والتعلم بصورة منهجية دورية في جميع المواد والصفوف والمدارس، لمعرفة عيوب التعليم والتعلم وتقويمهما.
لكنه يستدرك، مقرّاً بصعوبة تطبيق هذه الآليات في الزمن الحاضر، مذكّرا بمقترح كان تقدّم به العام 2009 إلى وزير التربية الأسبق وليد المعاني، وتضمّن العديد من الإجراءات المقترحة، منها تخفيض عدد المواد التي يتقدم بها الطالب إلى النصف تقريباً، وربطها بالتخصص الذي يرغب بدراسته في الجامعة، وإلحاق التعليم المهني بمؤسسة التدريب المهني، لتتفرغ وزارة التربية لوظيفتها الأساسية، وهي التعليم العام وتوفير فرص متكافئة ومتماثلة للطلبة في جميع أنحاء البلاد.
ومن بين هذه الإجراءات أيضاً، إلغاء وصف نتائج الامتحان بالنجاح أو الفشل، والاكتفاء بإعطاء المتقدّم كشفاً بالعلامات التي حصل عليها، وبعلامة النجاح العليا والدنيا، في كل مادة.
ولفت عايش إلى أنه 'لا قيمة' لأي تطوير لامتحان التوجيهي، بدون إحداث تغييرات في أسس قبول الطلبة في الجامعات، وهي مسألة كان كنانة أشار إليها، عندما قال إن تطبيق الآلية المقترحة يتطلّب إحداث تغييرات في المناهج، وفي مضامين الامتحانات وإجراءات عقدها، وفي أسس القبول في الجامعات كما تقدّم.
ووفق كنانة، فإن اللجان التي كلّفت بصياغة النظام الجديد، تضمّ ممثلين عن المعنيين بكل ما سبق، وأن هؤلاء سيقومون بإنجاز التغييرات التي يتطلبها تطبيق النظام الجديد، استعداداً لتطبيقه، كما يؤكد، في العام الدراسي 2013/ 2014.
وهذا الأمر يتساءل عنه باستغراب غياضة، بقوله 'هل يعقل أن تكون سنة واحدة فترة زمنية كافية لإحداث هذه التغييرات كلها؟'.
الغد
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو