ماذا لو قلبنا المعادلة!!

تذهب حكومة وتأتي أخرى, يشار إلى فاسد 'ينصب كبش فداء', سيناريو محاكمة, ادانه, حبس, وتغريم. هذا الجزء الأول من السيناريو الذي اعتدنا عليه بداية تسلم أي حكومة. أما عن الجزء الثاني من السيناريو, ويبدأ بعد أن يتم اصدار الحكم على 'كبش الفداء', حيث تطرح على الطاولة اقتراحات رفع الأسعار. ومن ثم يُستكمل السيناريو بـ اعتصامات, اضرابات, جرحى - وللأسف بعض الأحيان نفقد أحدهم, وموقوفين.
عندما تابعت تصريحات الدكتور عبد الله النسور لفت نظري عدة نقاط, هي التالية:
*ان ما نسبته 70% من الأردنيين لن يتأثروا بهذا الرفع.
*قيمة الدعم النقدي السنوي 70 دينار لكل فرد من أفراد الأسرة التي لا يتجاوز دخلها السنوي عن 10 آلاف دينار وبحد أعلى ست أفراد بحث لا يتجاوز الدعم السنوي للاسرة 420 دينار سنويا.
*ان تحرير أسعار المشتقات – رفع الدعم – الذي سيتحمله الأغنياء والقادرون في المجتمع دون غيرهم ولن يمس ذوي الدخل المتدني والمتوسط بالمجتمع.
*ان الحكومة لن تفاجئ المواطن بأي قرار اقتصادي الا بعد التشاور والتوصل إلى قبول عام بشأنه.
*لن أوفر فاسداً لو كلفني منصبي.
اكتفي بهذا القدر مشيرة إلى تصريح لرئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور جواد العناني في حديث بثه التلفزيون الرسمي الأردني قوله أن 'هناك اقتصاداً مخفياً في المملكة يقدر بنحو 30 مليار دينار, في حين حجم الأموال الضائعة والمهدورة في البلاد ما بين 500 ـ 600 مليون دينار', وأضاف العناني أن هذا الاقتصاد لا علم للحكومة عنه وهو غير مرخص وليس مسجلاً.
بداية دعوني أشير إلى أنني أمضيت ليال وأنا أحاول فك لغز الرقم '70', 70% من الأ{دنيين لن يتأثروا برفع الأسعار, و70 دينار قيمة الدعم للفرد الواحد سنويا. تفكيري البسيط لم يساعدني إلا الى أن أصل بنتيجه بديهيه أن ذاك الرقم اعتمد على أنه النسبة التي يتشكل منها الطبقة الوسطى والفقيرة في المجتمع الأردني, أقصد الـ '70%'!!!. وهنا توقف عقلي عن العمل. لم أسمع بأي دراسه حقيقه تشير إلى هذا الرقم, ولم ألحظ هذه النسبة من خلال ملاحظاتنا البسيطه على المجتمع من حولنا. ولم تساعدني أية معادلة اقتصادية لفهم وتحليل وفك لغز الرقم '70' ومن أين هطل!!.
أما فيما يتعلق بـ 'بحد أعلى ست أفراد بحيث لا يتجاوز الدعم للأسرة الواحدة 420 دينار سنويا', ماذا عن الفرد السابع أو الثامن؟؟!!. هذه النقطة تجاوزتها رأفة بقدراتي العقلية لأستكمل استيضاح ما تبقى من نقاط.
'إن تحرير أسعار المشتقات سيتحمله الأغنياء والقادرون في المجتمع', ماذا لو اقترحت عليكم قلب المعادلة أو اجراء بعد التعديلات عليها؟؟ مثلا رفع ضريبة الدخل على من يزيد معدل الدخل السنوي لديهم عن 10 آلاف دينار, أي على الأغنياء والقادرين ولا بد ان يشمل الشركات والمؤسسات ذات الربحية العالية مثل شركات الاتصال والبنوك. وبهذا تكون نتيجة المعادلة 'عدم تأثر الأسر التي يقل دخلها السنوي عن 10 آلاف دينار' وأظنه أكثر صوابا من قرار 'رفع الدعم والذي يعني بالتالي رفع الأسعار'. كما وأضمن لك سيناريو آخر, فبدلاً من مشاركة أفراد من الأسر التي تشكل ما نسبته 70% من المجتمع الأردني في الاعتصامات سيشارك أفراد الأسر التي تشكل نسبتها 30% من المجتمع في الاعتصامات, هذا ان وجدت. وربما تكون اعتصاماتهم أكثر سلميه وبسيناريوهات مختلفة نوعاً ما.
أما فيما بالبند المتعلق عدم مفاجئه الحكومة للمواطن الأردني بأي قرار اقتصادي إلا بعد التشاور والتوصل إلى قبول عام بشأنه, فقد تفاجأت بخبر قد قرأته في احدى الصحف المحلية اليومية, يقول عنوان الخبر 'نصف الأردنيون يؤيدون تخفيض الدعم الحكومي للسلع المدعومة' وفي دراسة أخرى تناولتها احدى المواقع الالكترونية '90% من الأردنيين يؤيدون رفع الأسعار' وصدقا أنا أجهل من هم هؤلاء الذين حالفهم الحظ لتيتشرفوا بشمولهم بالدراسة؟
وفيما يتعلق بالنقطة الاخيرة والتي تحمل قول الدكتور عبد الله النسور ' لن أوفر فاسداً لو كلفني منصبي' ماذا عن مناصبنا؟؟ هل قررت ان نخسرها نحن ايضاً, مناصبنا في اسرنا واعمالنا ومنصبنا الذي نمتلك في انفسنا, ماذا عنها؟؟
وخلاصة القول, هناك بدائل وحلول اقتصادية بحق متاحة وواضحة يمكن الاستعانه بها اضافة الى ما ذكره الدكتور جواد العناني في حديثه وتسليط الضوء عليها. هذا لو أردنا اصلاحاً بحق بأقل الخسائر في جميع النواحي. فلا الزمان ولا الآليه التي اتبعت للخروج من الأزمة الاقتصادية صائبة.
قبل هذا النضال العربي المظفر كان الوطن حقيقة، وبعده صار مشروعا ثم حلما ثم كابوسا.
محمد الماغوط

باتريشيا أحمد الحجاوي
[email protected]