الأربعاء 2024-12-11 06:29 م
 

ماذا يعني عيد الاستقلال؟

04:06 م

بناء منظومة قوية من المناعة الوطنية تقف في وجه الارادات الاجنبية والاختراقات الخارجية والمؤامرات الداخلية:اضافة اعلان


السؤال كبير والاجتهادات كثيرة، لكن هل استطاع النظام الأردني منذ تأسيس الدولة وإعلان استقلالها وتعريب قيادة جيشها بلورة شخصية وطنية وعصبية أردنية حقيقية؟ أم ما زالت الولاءات الفردية تزداد تفريخا؟ وهل خلق الاستقلال الأردني هوية وطنية جامعة يستفيء في ظلها أبناؤها؟
نقف بكل فخار أمام هذا الوطن المعجزة الذي حفر فيه أجدادنا وآباؤنا بالصخر من أجل البقاء وبناء الدولة، وناضلوا بقيادة الهاشميين من أجل إخراج الانتداب البريطاني وفرض الاستقلال، فالإنجازات كبيرة والأزمات كثيرة والشواهد واضحة المعالم رغم كل المنخفضات الجوية والأرضية التي تعرضت لها المنطقة.
لكن كيف يمكن أن نكون أردنيين؟
الهوية الوطنية الأردنية ليست بعيدة عن هوية الدولة، بل هي تعبير حقيقي عنها، والدولة القطرية الحديثة هي دولة وطنية بالتأكيد وبكل ما تعنيه الكلمة من هوية جامعة لا تقبل الثنائية أو الولاءات الفرعية، وهي بالضرورة دولة لها برنامجها الوطني وسياساتها ومؤسساتها، ولا يكون فيها الفرد إلا انعكاسا لروح الجماعة.
لذا فإن جلالة الملك عما يتساءل في احدى مقابلاته التلفزيونية، ماذا يعني أن يكون المرء اردنيا؟ فإنه يحاول أن يدفع الأردنيين الى التفكير بإنجازات دولتهم من أجل المحافظة على استمراريتها في ظل هذه الأوضاع الملتهبة و المتقلبة في الإقليم. فالدولة كظاهرة سياسية تاريخية لا تنشأ صدفة ولا تستمر بالصدفة، بل تحتاج الى رعاية وتجديد وتحديث من أجل البقاء والاستمرار الى الأفضل.
وهنا يأتي دور المواطن في الدولة بالحفاظ عليها؛ لأنها ظاهرة قد لا تتكرر في التاريخ، كما أن نشأتها بالأصل لها أسباب وظروف تاريخية واقتصادية وسياسية قد لا تتأتى ثانية، ففقدان الدولة لاستقلالها أو سيادتها أو قرارهاـ لا سمح الله ـ قد يؤدي الى ضياع مستقبل أبنائها وبناتها وضياع إنجازاتهم.
وقد أظهر لنا التاريخ أن الدولة لا يمكن ان تأكلها دولة اخرى بل يمكن للدولة أن تتآكل من الداخل، وهنا دعوة الملك للاردنيين للمحافظة على دولتهم وتحديثها واستمرارها والمحافظة على إنجازاتها في المجالات كافة، التعليمية والصحية والاقتصادية والامنية، لأن الدولة عنوان عزة ورفعة ومستقبل مواطنيها.
والتحديات أمام الاردنيين ودولتهم كبيرة جدا، فالاردنيون خائفون على وطنهم ونظامهم السياسي، النيران مشتعلة في كل مكان وآثار الزلزال ما زالت قائمة والاطماع متوفرة بشراسة لدى الكيان الصهيوني، ولا شيء يحمي من الاطماع سوى تحديد اتجاه البوصلة والمصالح الوطنية ومواجهة امتحان الإصلاح والتحديث لمجاراة روح العصر، وبما يمليه ذلك على المواطن من هدوء وانتماء وولاء للدولة ونظامها السياسي.
والمحافظة على الدولة، لا تأتي بالتفرد أو العناد ورفض الآخر بل شرطها الاساسي الحوار والتوافق الوطني لأنه الكفيل بالحفاظ على الوطن وإنجازاته وهذا لا يلغي مشروعية الاحتجاج كحق للمواطن، وحق الاخير على الدولة بالاستماع اليه وتوسيع مشاركته في صنع القرار.
والثقة بالشعب والوطن وقيادته هي أساس الإنجاز والاستمرار به، فالاستقلال ليس نشيدا وطنيا وعلما خفاقا وجواز سفر وطوابع بريد وسجادا احمر، بل هو بناء مؤسسات قادرة على الدفاع عن سيادة الدولة وأمن الشعب وحريته، والتحديث يعني بناء منظومة قوية من المناعة الوطنية تقف في وجه الارادات الاجنبية والاختراقات الخارجية والمؤامرات الداخلية لفرض التبعية.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة