الأحد 2024-12-15 01:32 ص
 

مانيفستو النائم وحدهُ

03:04 م

الوكيل - نعلن نحن وعلى إثر غيبتنا الكبرى عمّا يلي:
1- بعد غيبةِ عام كامل ( اختيارًا لا اضطرارًا) عن ملتقيات الشعر وأمسياته، نشرع في اتمام الخطوة الثانية من مشروع فكّ الارتباط بكلّ ما له علاقة بالمشهد الثقافي التونسي.اضافة اعلان

2- لن نحمّل أحدًا أو جهة مسؤولية تركنا ساحةً لم نشعر بأننا خارج أنفسنا بالقدر الذي شعرنا به يوم دخلناها طاهرين مطهَّرين.
3- لم يفتنا يوم ارتضينا النزول من السماء إلى الأرض أن نلاحظ حجم العِداء الذي تولّد ضدّنا. لاحظناه يلمع في العيون، في ارتباك يدٍ أو نأمةٍ، أو مناجاةِ شخصين بعضهُما البعض، أو ضحكةٍ مؤذية. لم تهرموا بعدُ لتختبروا ذلك الشعور الذي ينخرُ رجُلا مُهمَلا في أقصى الصالة. لم تهرموا بعدُ لتختبروا شعوره حين يجلس على مرمى حجر من ضحكاتِ أولاده وزوجاتهم مفكِّرا أنّ محض وجوده قد خرّب الحفلَ.
4- إليكم صورة أخرى عمّا كنتُه بينكم: العجوزَ بونثيو فيكاريو الضرير وهو يجلس وحيدًا على كرسيّه الذي بلا مسندٍ، على وجهي ملامحُ الحيرة كأعمى حديث العمى وقميصي متصلّب بالنشاء. بينما أنتم تصطدمون بي وتغيّرون مكاني حتى لا أعرقل الحركة.
لم أكن قد وُلدتُ بعد عندما كنتُ العجوزَ فيكاريو.
أوه فيكاريو العزيز!’
5- لن نحمّل أحدًا أو جهة مسؤولية هشاشتنا. لم يكن ذنب أحدٍ أنني لا أحسنُ المشيَ مع الآخرين:
‘كيف لي أن أنتظم بالمشي مع الآخرين أنا الذي لا أعرف كيف أمشي وحدي’.
6- الحقدُ رملٌ. الحبّ صخر.
ذلك ما يفسّر سهولة الايذاء. بالقدر نفسه، ذلك ما يوضّح صعوبة نحتِ صداقةٍ أو كسبِ ثقةٍ.
الحقدُ شُغل لحظةٍ. الحبُّ اشتغالُ عُمر كامل.
7- ما الذي نرجوهُ من بيتٍ أقيم على رمل؟
8- أعرف أنّ كثيرين يشغلهم سؤالُ: ما حقيقة رأينا في المشهد التونسي؟
حسنا. إليكم رأيي صراحة:
لقد سبق للسيد أوسيب مندلشتام أن توقّع ما يلي: ‘لا أكترث البتة بالشعر الروسي، ولكن قريبًا ستنصهر أشعاري معه وستتحد به، مبدّلة في بنائه وتكوينه’.
أمّا أنا ولأنني طالما تشككّتُ في مشاريع ذوي الآمال الكبيرة، فإني آملُ أن تسمحوا لي بأن أصوّب جملة السيد مندلشتام وفق ما أراه معبّرًا عن طبيعة الآمال المنوط بنا أن نعلّقها على الكتابة:
‘علاوة على أنني لا أكترث البتة بالشعر التونسي، فإنه لا حاجة بي إلى الاتحاد به أو تبديل بنائه وتكوينه’.’
لا يتعلّق الأمرُ باختلاف طبيعةِ عنصرين لا يتعالقان إنما بفارق توقيتٍ بينهما.’
9- أديرُ عقرب ساعتي إلى الوراء لأضغط فارق الوقت بيني وبين العالم، فأزدادُ اندفاعًا إلى المجهول.’
10- ‘لا شيء ينقصُ. لا شيءَ يُضاف. الكلّ يتحوّل’. قاعدة فيزيائية أقرب إلى قصيدة نثر.
11- إليكم إذن سرّ أمكنتي وأزمنتي:
بلغراد، كورتيسك، بورسد-أباوج-زمبلن، غيروكاستر، كورتشي، ساتو ماري، كاراش سيفيرين… 1423، 1939، 1715، 2089، 1845، 1881…
لا أدّعي أنني أعرف هوية الشخص الذي سيجلس، مساءَ 13 أيلول 2512، في محطة واحدةٍ من قرى فيرخويانسك، ليبكي وحيدًا فوق مقعده المجعّد من أثر العواصف:
‘إنه الرجُل الذي أساؤوا فهمه. يا للعالم، لو أدرتُ عقربي ساعتين إلى الوراء لقابلتُه!’.
12- تذكّروا دائمًا فارقَ الوقتِ.
13- إذا كان لنا من أمل فهو أن أظلّ مُهمَلا في أقصى الصالة ، مصغيًا إلى هسيس نطفٍ تتنادى في رحم الغيبِ لتصنع ذلك الرجُلَ الذي سيبكي وحدهُ في محطة واحدةٍ من قرى فيرخويانسك.
كم تبدو لي فكرة قارئي الذي يتشكّل جديرة باحتقار قرّاء عصري.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة