في ظل كل هذه الأوضاع المربكة وتداخل الألوان بالنسبة للمشكلة السورية، التي تزداد تفاقماً يوماً بعد يوم، لا بل بالنسبة للمنطقة كلها فإنه لا يمكن النظر إلى إصرار الأميركيين على مغادرة قواتهم لسورية إلا من زاوية واحدة وهي المزيد من إغراق الروس في هذا المستنقع الذي بدأوا يغرقون فيه وحيث أن كل إنتصاراتهم العسكرية لا تزال تدور في حلقة مفرغة فالحسم النهائي من الواضح أنه غير ممكن في المدى المنظور وهذا البلد الذي أدخله نظامه، وساعدته في ذلك موسكو، في مأزق شديد التعقيد أصبح ميدان صراع إقليمي ودولي بالإضافة إلى صراعاته الداخلية التي أخطرها هذا الصراع الطائفي الذي لم يبدأ في عام 2011 بل في عام 1970 عندما سيطر حافظ الأسد على الحكم بإنقلاب عسكري كان أعد له خلال سنوات طويلة.
لا يوجد تفسير مقنع سوى هذا التفسير فالمفترض أن هذه المنطقة التي تقع سورية في قلبها منطقة مصالح حيوية للولايات المتحدة ولذلك فإن إصرار الأميركيين على الإنسحاب العسكري منها وتركها للروس
وللمتدخلين الآخرين لا يمكن فهمه إلا على أنَّ وراءه «مؤامرة» عنوانها المزيد من إغراق روسيا الإتحادية، التي تعاني من أوجاع إقتصادية كثيرة، في هذا الوحل المستنقعي الذي إنْ هي إستمرت في عنادها فإنها
ستغرق فيه لا محالة وعندها فإن كل «أفاعي» المعارضة الروسية ستخرج من جحورها وسيكون الخاسر
الرئيسي هو الرئيس فلاديمير بوتين الذي تمادى في غيّه وأوهامه أكثر من اللزوم.
لقد بدأت الولايات المتحدة حربها الإقتصادية ضد روسيا التي بالإضافة إلى مشكلة سورية تواجه مشاكل
كثيرة في القرم وفي أوكرانيا وفي بعض دول البلطيق وهذا بالإضافة إلى مشاكلها الداخلية الكثيرة التي
من المؤكد أنها ستزداد تفاقماً إذا «صدقت» حسابات الأميركيين فالمثل يقول: «عندما تقع البقرة يكثر
السلاخون» وحقيقة إنْ ليس كل فمعظم دول الإتحاد الروسي تنتظر هذه اللحظة على أحر من الجمر إذْ أنها
وجدت نفسها في «تبعية» أسوأ كثيراً من تبعيتها للإتحاد السوفياتي الذي كان نسخة أشد وطأة من
النسخة القيصيرية بالنسبة للقوميات غير الروسية.. وبالنسبة للمسلمين على وجه التحديد.
إن المؤكد أنه إذا إنسحب الأميركيون عسكرياًّ من سورية فإن إنسحابهم، إن هو حصل بالفعل، سيكون
لحساب خطة بديلة والخطة البديلة، كما هو متوقع، هي المزيد من إغراق الروس في هذا المستنقع السوري
الذي باتوا يغرقون فيه كما كانوا غرقوا في المستنقع الأفغاني في عهد الإتحاد السوفياتي، الذي لم يكن
عظيماً ولا هُمْ يحزنون، والذي كانت «غزوته» الأفغانية بداية إنهياره المأساوي بعدما كان في فترة من الفترات قد أوصل نفوذه وصواريخه إلى كوبا على بعد خطوات قليلة من المجال الحيوي للإمبراطورية الأميركية.
كان على فلاديمير بوتين، الذي كان أحد ضباط جهاز الـ «كي.جي.بي» المرموقين، أن يستفيد من هذا الدرس
السوفياتي المكلف وعليه فإنه إذا كان يراهن على قاعدة «حميميم» فإن المفترض أنه يعرف أن أفغانستان
كلها كانت قاعدة سوفياتية ومع ذلك فعندما جاءت لحظة الحقيقة فإن القوات السوفياتية قد إنسحبت من
هذه الدولة الإسلامية تحت ضربات العديد من التنظيمات الجهادية وبدون أي مشاركة عسكرية أميركية
مباشرة.. والواضح أن هذا هو الذي تريده أميركا وتسعى إليه بالنسبة لسورية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو