الوكيل - طرحت الحكومة التركية مشروعا لقانون جديد على البرلمان يرمي إلى تقوية المخابرات وتوسيع استقلالها عن القضاء. إلا أن منتقدي المشروع يحذرون من نشوء دولة رقابية وتقويض السلطة في البلاد.
تبدو الحكومة التركية بعد فوزها الواضح بالانتخابات المحلية في نهاية مارس/أذار مصممة على إصلاح مكانة المخابرات التركية داخل جهاز الدولة. وقد كانت الحكومة من حزب العدالة والتنمية قد طرحت في شباط/فبراير الماضي مشروع قانون بهذا الشأن على البرلمان. وكما يقول منتقدو المشروع، فإن إصلاح المخابرات يرمي إلى توسيع سلطتها وإعطائها المزيد من الاستقلال عن القضاء. ولذلك، فإنهم يرون أن المشروع يهدد مبدأ تقاسم السلطة.
وقد وقعت الحكومة التركية في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي في فضيحة فساد قوية. ومنذ الأسابيع الماضية تتركز الاتهامات بالفساد على رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان أيضا. وعليه، فإن النائب من حزب الشعب الجمهوري المعارض إنغين ألتاي يقول: 'يشكل مشروع القانون محاولة جديدة من قبل الحكومة لمواجهة الاتهامات بالفساد'.
ويصف حزب الحركة القومية مشروع القانون بأنه 'فضيحة'. وأكثر من ذلك، فإنه يتهم الحكومة من حزب العدالة والتنمية بمحاولة تحويل تركيا الى دولة على نحو دولة عربية تعتمد على جهازها الأمني وحده. وانتقد أيضا حزب الشعوب الديمقراطي القريب من الأكراد مشروع القانون بشدة، فقد أكد رئيس الحزب إرتوغرول كوركتشو في مقابلة صحفية قائلا: 'علما بأن رئيس الوزراء قد نجح في تولي مناصب العمدة ووزير العدل والمدعى العام، فمن المفهوم أنه يريد أيضا تولى زعامة المخابرات. وبالتأكيد، فإن القانون سينسجم مع ذلك'.
مشروع 'مثير للقلق'
كما يقول الخبير في الشؤون الدستورية لامي برتان توكوزلو في حديث مع دف، 'فإن مشروع القانون على شكله الحالي سيعطي المخابرات التركية المزيد من الاستقلال عن القضاء. ويضيف: 'إذا كانت شكوى موجهة ضد عمل المخابرات، فمن الضروري مشاورة المخابرت فيها أولا. وإذا رأت المخابرات أن الشكوى تمس حيز اختصاصاتها، فلن تتم إجراءات قانونية، أي أنه لا يمكن التشكك أمام محكمة في شرعية عمل المخابرات. وهذا مثير للقلق.'
وتتمثل نقطة أخرى تثير قلق الخبير، في أن مشروع القانون يسمح للمخابرات بمراجعة بيانات ومعلومات سرية. 'يسمح المشروع للمخابرات بالمراجعة اللامحدودة لبيانات خاصة ومعلومات مصرفية'، كما يقول توكوزلو، مشيرا إلى أن ذلك يعارض مادة في الدستور التركي تقضي بالحق في الخصوصية. ويضيف الخبير أن مراجعة معلومات معينة ضرورية بطبيعة الحال على شرط أن يخدم ذلك أمن البلاد. 'إلا أنه يجب بموجب قرار صدر عن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، أن يتضمن القانون الجديد أحكاما أيضا تخص مكافحة إساءة استخدام المعلومات. غير أن مشروع هذا القانون لا يتضمن مثل هذه الأحكام. وعليه، فإن المخابرات ستحصل بموجبه على سلطة لامحدودة تقريبا'، كما يقول توكوزلو.
'لا يجوز عدم خضوع المخابرات للقانون'
أثار مشروع القانون قلق الخبير بشؤون السياسة أوميت أوزداغ أيضا. 'هذا القانون الجديد تعبير عن محاولة إعفاء المخابرات عن مراقبتها من قبل القضاء. ويشكل هذا القانون محاولة أخرى من قبل الحكومة لتقوية مراقبة التشريع والقضاء'، كما يقول أوزداغ . ويضيف أنه يتوقع أن المحكمة الدستورية سترفض بنودا معينة في القانون، مشيرا إلى أن تركيا ترى في نفسها أحد الأنظمة الديمقراطية التي لا تقبل عدم خضوع مخابراتها للقانون.
وكما يقول أوزداغ، فإنه قلق أيضا على العلاقة بين الصحافة والمخابرات في المستقبل، فبموجب مشروع القانون الحالي، فإن الصحفيين مهددون بالسجن لأجل أقصاه تسعة أشهر، إذا نشروا وثائق سرية للمخابرات. ويضيف الخبير: 'لا ينص القانون الجديد على محاكمة الصحفيين فقط، إنما محاكمة أصحاب وسائل الإعلام أيضا. وهذا دليل واضح على تقييد حرية الصحافة، إذ لا يتعرض الصحفيون فقط للتهديد، وإنما وسائل إعلام كاملة'.
تعديل نظام الأمن
كما يقول توكوزلو، فإن القانون الجديد 'يوفر أساسا شرعيا يمكن المخابرات رسميا من إجراء المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني'. ويشير الخبير في شؤون السياسة إسمت أكتشا إلى أن ذلك يرمي إلى تخلص الحكومة من مسؤوليتها عن عملية السلام، رغم أن 'إجراء هذه المفاوضات مهمة سياسية ينبغي أن تتولاها الحكومة. إلا إذا لم ترد الحكومة الاعتراف رسميا بمسؤوليتها عن إجراءات معينة، كما هو الحال بهذا الشأن، فإنها تُحمِّل المخابرات المسؤولية عن اتخاذها'.
ويؤكد أكتشا أن الحكومة التركية لا تثق حاليا في جهاز الشرطة والقضاء. 'قبل تولي حزب العدالة والتنمية تولي السلطة شكل الجيش المرجع الرئيسي، مما كافحته الحكومة من حزب العدالة والتنمية دائما. وفي ظل التحالف بين أردوغان وفتح الله غولن تطور القضاء والشرطة نحو المرجع الرئيسي. إلا أنه اتضح في سياق تطور الوضع تزايد سلطة حركة غولن داخل الشرطة والقضاء، بحيث أن هذه الحركة أصبحت منافسة لأردوغان'، كما يقول أكتشا. ويضيف أن أردوغان يُقدِم الآن على بناء دولة تركية جديدة ستصبح فيها المخابرات المرجع الرئيسي. 'يدور الأمر هنا حول تحول السلطة، كي تتوسع أبعاد مراقبة رئيس الوزراء. هذا أهم سبب لمشروع القانون هذا'، كما يقول أكتشا.
ويقول أوزداغ إن الحكومة من حزب العدالة والتنمية تصمم جهازا أمنيا تركيا على أساس منطلق معاد للديمقراطية ومركز على هذا الحزب. ويضيف: 'أُتيحت في تركيا للقضاء دائما إمكانية مراقبة الجهة التنفيذية. ولكن، منذ ثلاثة أشهر لا يمكن لنا القول إن دولة تركيا نوع من الدولة الديمقراطية' وإنما بالعكس، كما يقول الخبير، مشيرا إلى نشوء جو من توفير دولة رقابية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو