الأطراف في مأزق، فالإخوان لا يستطيعون القبول بالواقع الجديد، والمعارضة غير مستعدة للتخلي عن مكاسبها
لا أحد يستطيع أن يجزم في توصيفه للأحداث الجارية في مصر، فالتصرفات السياسية الثابتة والمتداولة لا يبدو أنها تنطبق على الحالة المصرية، هل هو انقلاب أم ماذا؟ وصفيا لا يمكن إلا أن نقول، إنه قَلبٌ للسلطة نفذه الجيش بناء على رغبة شعبية عارمة، والأصل أن يكون الانقلاب عسكريا، لكنه هذه المرة جاء انقلابا مدنيا على رئيس منتخب ديمقراطيا مع بقاء الجيش بعيدا عن الحكم.
فهل من حق الناخب أن يعاود حساباته؟ هل يحق للناخب أن يسحب ورقة اقتراعه من الصندوق؟ هل البيعة أبدية أم قابلة للتراجع؟
جميع الأطراف في مصر أصبحت في مأزق، الإخوان المسلمون لا يستطيعون القبول بالواقع الجديد، لأنه إقرار علني بفشلهم وبفشل مرشحهم في إدارة البلاد، والخوف الإخواني هنا لا ينطبق على مصر فقط، بل الخوف أن ينسحب على كل الساحات الإخوانية، خاصة في تونس وليبيا اللتين أطلقت فيهما حركات تمرد مشابهة للحالة المصرية، والإخوان ذاهبون إلى طلب 'الشهادة'، لأنهم يدافعون عن هيبة التنظيم العالمي، وليس عن وجودهم على الساحة المصرية. والأمر ينسحب على جانب المنتصرين، فإن المعارضة المصرية فاجأتها ردة الفعل الإخوانية، وهي تجد صعوبة في الرضوخ لضغط الإخوان بإعادة الرئيس المعزول، والحل لا يكون إلا بالمواجهة. ويبدو للأسف أنها ستأخذ جانب العنف والقتل والتخوين والتكفير، لكن خطورة المواجهة أن الإخوان يواجهون جزءا كبيرا من الشعب المصري، مدعوما بالجيش المصري الذي يحظى بشعبية هائلة تزيد على 85% حسب استطلاعات معهد 'غالوب'، فهل المواجهة سهلة؟
إذاً، نحن أمام عملية 'عض أصابع'، من يصرخ أولا، ومن يتراجع أولا، ومن يفرض إرادته على الآخر؟
يعرف الإخوان ومعارضوهم في ساحة التحرير أن مرسي لن يعود إلى قصر الاتحادية إلا عبر السباحة في بحر من الدماء، فالرصاصة التي تخرج لا يمكن أن تعود، ومع ذلك، فالإخوان لن يتراجعوا عن 'الغضب'، وعن العنف وتخويف الآخر، وعن استخدام كل الإمكانات المتاحة لأن السكوت يعني القبول، والقبول يعني الانكسار، وهذا ما يرفضه الإخوان.
نعم سيتغير 'الإخوان'، قد يذهبون إلى المغامرة، لكنهم لن يستطيعوا المجاهرة بالقتال والعنف ضد الجيش، وسيبقى شبابهم وآخرون يمارسون القتل، لكنهم جماعة مؤسسية لن تقبل الإعلان عن الصدام المسلح مع المجتمع، أو الجيش المصري، فهذا ليس في صالحهم، لكنهم يسعون إلى توريط الجيش من أجل إحراجه وإثبات مقولتهم بوجود انقلاب عسكري.
تمر أيام عصيبة، ولا تستطيع المعارضة أيضا السكوت أمام ازدياد شدة العنف، فهي مطالبة بإعلان موقفها، وقد تحمل تحليلاتها المسؤولية للإخوان وتهورهم، لكن الأمر يحتاج إلى فترة من أجل عودة العقل والهدوء. فقد تهدأ الحالة، لكن الأزمة المصرية يبدو أنها مفتوحة على احتمالات خطرة وكبيرة، نظرا لعدم قدرة الطرفين على التراجع أو القبول بالواقع، في ظل غياب أية إمكانية لحلول وسط، أو تفاهمات بين 'الإخوان' والمعارضة والعسكر.
الوقت مناسب لاستعادة المبادرة قبل الانزلاق إلى الطلاق النهائي، والواجب يفرض أن تكون الأحداث في مصر محطة للمراجعة أولا من جانب جماعة الإخوان المسلمين، فلعلهم يعترفون أن حكم مصر كبير عليهم، وأن الحكم بحاجة إلى شراكة كبيرة، وثانيا القوى المعارضة، التي يجب أن تعترف أن إقصاء مرسي وحده لن يحل مشاكل مصر.
يقال إن أعرابيا جاء إلى داهية العرب معاوية بن أبي سفيان، فشكا له قائلا: يا أمير المؤمنين، لقد بايعتك مكرها، فرد عليه معاوية، 'لا تكرهوا شيئا لعله خير لكم'.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو