لا يليق بمصر غير اللون الأخضر , وضحكات الفرح , هكذا ألفنا مصر وشعبها , ولم نألف الأحمر القاني إلا من شهداء مصر على ثرى تحرير مصر او ثرى فلسطين , وسيلان الدم كان بفعل الأعداء , أمّا شلال الدم المصري على ايدي المصريين فلم نألفه ولا نريده مهما كان السبب ومهما كانت الاعذار , فالدم حرام بكل اللغات ولن تتخلص يد من الدم أبدا مهما كانت المُطهرات وادوات الغسيل .
من السهل تقاذف التهم ومن السهل الانحياز الى طرف لكن الأصعب هو سيلان الدم بهذه الكثافة والاكثر صعوبة قبول الدم بديلا للحوار المُنتج , فالدم لا يحتاج قواميس ولا يحتاج شهادة جنسية ولا فرق بين دم الإخواني او دم الجندي فكله دم مصري حرام أن يسيل وكله دم عربي ينزف من مخزوننا القومي والانساني .
مصر تحتاج للحكمة و النصيحة المخلصة بأن يجلس الجميع على مائدة مصر وأن يحقنوا المزيد من الدماء فالدم يجرّ دم , والدائرة ستتسع ولن ينجو احد , واسوأ الاستثمار هو الاستثمار السياسي وادناه مرتبة ورذيلة هو الاستثمار في الدم ومحاولة تجييشه لصالح طرف من الأطراف او تبرئة طرف من وزر الدم او تبرير الدم مهما تكن الآلة الضاربة .
رابعة العدوية او ميدان النهضة او ميدان التحرير اسماء نعرفها ونعرف الجالسين فيها , ونعرف انهم كانوا في ميدان واحد وشركاء ثورة واحدة وضحايا جلاد واحد , ولا يجوز ان يتبادلوا الأدوار مع الجلاد وان يجلدوا بعضهم بعضا , وان يتراشقوا تهم العمالة بعد تشارك ملح وزاد الثورة , ولا أن يخضعوا لمنطق العصابات المتصارعة بدل منطق الثوار الانساني والحواري .
لا يمكن قبول الدم او تسويغه او تبريره او دعم من ولغ فيه , ولا يمكن ان نقبل تحت أي عنوان قبول فض الاعتصامات بالقوة وقبول منطق العصور الوسطى , فكل الاعتصامات التزمت مبدأ السلمية وكل الاعتصامات يجب أن تبقى سلمية وطريق فض الاعتصامات هو الحوار والحوار فقط , وكل خروج عن السلمية والحوار خروج عن العهد الوطني وإسقاط لشرعية من يقبل الدم وسيلة لفض الخلافات.
لم يستنزف الفرقاء فُرص المصالحة والحوار , ولم يستنفد الرئيس الجديد المؤقت وسائل حل النزاعات بسلمية , فلماذا الاستعجال في الدم والمعتصمون لم يخرجوا من حواكير رابعة و النهضة , ولم يقوموا بأي فعل دموي خلال اعتصامهم الطويل منذ اربعين يوما واكثر؟!
تصريحات الفرقاء المصريين لا تحمل مبادرة او اصطفافا ضد الدم الذي سال وكل ما يرشح من السياسيين مجرد أدعية لن توقف مجزرة ولن تضمد جرحا , ومحاولة حل الخلاف بالقوة هي السائد ومحاولة استثمار الدم هي الموقف السائد في اقطار العرب ولدى جماعات السياسة الدينية .
الربيع العربي بات خرابا ودمارا بفعل الغباء السياسي الذي انتج عودة تيارات اليمين الى مقاعد السلطة او التحكم بالسلطة , وفشل الثوريين الجدد في التصالح مع ذواتهم قبل التصالح مع شركائهم فوقع ما قاله محمود درويش ذات قصيدة “ سبايا نحن في هذا الزمان الرخو , سلمنا الغزاة الى اهالينا “ فكان الغزاة أكثر رحمة واقل دموية .
في مصر اختبار حقيقي لكل مجريات الربيع العربي ولكل التيارات السياسية ومواقفها من الدم وحرصها على بقاء الربيع دون احمرار , وفيها اختبار لضمائرنا وصدق برامجنا برفض الدم والوقوف ضد القتل والقاتل دون تسويغ اسباب القتل .
وفي العالم العربي اختبار لكل مفاهيمنا القومية والسياسية وضرورة الترفع عن الخصومات السياسية وإلغاء نظرية التشفي السياسية بأن نعلن موقفنا ضد الدم وضد العودة الى زمن التصفيات والمجازر , مصر تَضُعنا امام اختبار الضمير وعلينا أن ننجح في لعن القاتل دون السؤال عن هوية القتيل السياسية او التنظيمية فكلنا اخوان في العروبة والدين وحب الاوطان .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو