كل هذه الأخبار السيئة التي تأتيك عن المسجد الاقصى، لم تعد تحرك في الناس، شيئاً، وهذه التدفقات الاخبارية المصورة والمكتوبة، أدت الى بلادة الكثيرين، بدلا من تحريك مشاعرهم.
في الاعلام سر خطير، فكثرة الاعادة، على اهميتها، تتحول في مرات الى أداة لتجميد المشاعر، والخبر المؤلم يصير عاديا، من القتل الى القصف، مرورا بكل مانراه في المشرق الذبيح، ومغربه قيد الالتحاق، والعقدة هنا ليست في الاعلام، لكن في الوجدان الشعبي الذي يتبلد بطريقة غريبة.
ليس أدل على ذلك ان اغلبنا اليوم، يتابع شاشة التلفزة، وبعضنا يتناول العشاء او الحلويات او المشروبات، بكل استرخاء، وهو يتفرج على الاف الجثث المنثورة في العالم العربي، وتلك الجثث التي تنتظر دورها، ومابدلت تبديلا، وان كانت مازالت تسعى على قدمين.
في مقالة لامعة لكاتب صحفي موريتاني، فكرة مهمة، يسأل الاستاذ عبدالله اسحق عن ذكرى حرق منبر صلاح الدين في المسجد الاقصى وكيف مرت، دون اي تفاعل، على الرغم من كل تهديدات اسرائيل للاقصى، وفي ظل هذا الانهمار للاخبار ولوسائل الاعلام المصورة والمكتوبة، وتدفقات الاخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟!.
يستذكر بألم كيف ان كل أهل قريته الموريتانية نهاية الستينيات انخرطوا في بكاء وكأنهم في حالة حداد، اثر تدفق الاخبار يومها، عن حرق الاقصى، برغم ضعف الاعلام يومها، وبعد المسافة بين شقيقين؟!.
الفكرة لافتة للانتباه، لان الشبكة العصبية الوجدانية بين العرب والمسلمين في تلك الايام، كانت حية وتتسم بالقوة والطهر والحيوية والنقاء، ولم تكن تلك القرية الموريتانية بحاجة الى الف نشرة اخبار لادراك حجم الكارثة والمصيبة، ولم يكونوا بحاجة الى مليون بوست عبر الاتصال الاجتماعي، لتنهمر دموعهم على الاقصى، ولا لكل هذه المنشطات السياسية التي نراها اليوم، ولم تعد تجدي نفعاً.
الشبكة العصبية الوجدانية بين العرب والمسلمين هذه الايام، ضعيفة، منسوب الاتصال عبرها منخفض جدا، فوق تدفقات الكراهية والتنابز الجهوي والاقليمي والديني والطائفي والمذهبي والقبلي، ومثل هذه الشبكة المقطعة، غير مؤهلة اساسا لانسياب أي هم قومي ولاديني، ولاقادرة ايضا على تحمل اي نبضات ألم، تتجاوز نبضات الفرد وانانيته واطماعه وهمومه الشخصية.
تهديد الاقصى بات خبراً عادياً، مثلما بات خبر القتل يوميا في كل مكان، بل ان الفروقات فقط، تتجلى بالاستغراب مرات ازاء عدد القتلى وكيف تجاوز المعدل اليومي، او لان القتل شمل عاصمة هادئة، وبات عادياً جداً، ان يتعامل الاعلام مع تسع عواصم ذبيحة في ليلة اخبارية واحدة؟!.
مايراد قوله اليوم، إن انعاش الشعور بكوننا امة واحدة، وتنظيف العصب العام من كل الاثام والخطايا والامراض، مهمة مقدسة، لان اتلاف الشبكة الوجدانية كان مقصودا ومدروساً حتى تتفرق هذه الامة الى بقايا بشرية في الجبال والوديان لايربطها رابط، ولاتقوم لها قائمة، ولاتهدد احداً.
هذا هو حالنا اليوم، ودليله الساطع هذا الموت السريري ازاء تهديد مقدس، مثل الاقصى، فلا يثير اي رد فعل، ولاعصبية، ولاغيرة، قد تثيرها كلمة بين جارين، او خلاف على ناقة شاردة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو