منطقة «العيب» *

قال خطيب المسجد في خطبة «الجمعة» متناولا أحداث الشارع الاردني «إنها فتنة». واسشهد بحديث شريف للرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي فِتَنٌ ، النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْيَقْظَانِ ، وَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي ، فَمَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ فَلْيَأْخُذْ سَيْفَهُ ، ثُمَّ لِيَمْشِ إِلَى صَفَا فَيَضْرِبُهُ بِهِ حَتَّى يَنْكَسِرَ ، ثُمَّ يَنْضَجِعَ حَتَّى تَنْجَلِيَ عَلَى مَا انْجَلَتْ عَلَيْهِ « . واشار الشيخ الى أن الإنسان عليه أن يراعي نفسه ووطنه ومن حوله في حالة غضبه.اضافة اعلان


تأملتُ ما قاله خطيب» الجمعة» ، وأدركتُ أن ما يجري من تعبير عن حالة الغضب الشعبي كرد فعل عمّا تعرّض له المواطن بسبب قرار رفع اسعار المشتقات النفطية، يذكّرني بالرجل الذي غضب من زوجته فأحرق اولاده وأشعل النار في ممتلكاته، و»خرب بيته بيده».

مؤكد ان عاقلا لا يمكن ان يكون مع قرار رفع الأسعار لا النفطية ولا الغذائية ولا معجون الأسنان. وحتى لا أخسر الاثرياء «ولا الكورن فلكس والكاشو».

وحزنتُ على ضحايا الغضب. فروح الإنسان عامة و الاردني تحديدا «أغلى» من «ثمن إسطوانة الغاز»، مهما ارتفع سعرها.فالنفط والغاز يمكن تعويضه ولكن الانسان لا يمكن تعويضه.

سألتني الإذاعة التونسية أمس الاول عما يجري في الشارع الاردني، وقلت: إنها حالة غضب بسبب ارتفاع اسعار وليس بسبب الحرية، وهذا لا يقلل من حق الناس في حرية التعبير». ولعل من شاهد الدكتور عبد الله النسور رئيس الوزراء يتحدث في نفس اليوم مع «العربية» و»الجزيرة» يدرك المعاناة التي يعيشها الرجل كمواطن اردني يحظى بتقدير واحترام الجميع، وفي نفس الوقت يدرك مخاطر تأجيل القرار، خاصة بعد ان «توقفت حنفيّة الدعم الخليجي» ـ التعبير لي وليس للنسور ـ . فقد بدا الرجل كمن يسير على حبل السيرك. وتحته زجاج مكسور. فأين المفرّ؟

ولم تعجبني بعض التعليقات على بعض المواقع وبعض الفضائيات التي حاولت «شخصنة المشكلة». ودخلت في منطقة «العيب».

كلنا ضد رفع الأسعار ولكننا سنكون اكثر غضبا إذا ما تعرض الدينار الاردني للخطر.

صحيح لستُ خبيرا اقتصاديا و «يا دوب اعرف احسب راتبي» ـ القليل ـ. ولكنني حين تأملتُ المشهد ، قارنتُ بين ثمن «إسطوانة الغاز» وبين «دم» أي مواطن اردني،فكل «غاز الدنيا» لا يعادل قطرة دم واحدة.!!