تستحق المبادرة هذا الاحتفاء وأكثر؛ رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، يرعى وفي دار الرئاسة، الاحتفال بتوقيع اتفاقية مشروع 'وقفية القدس للبحث العلمي' في الجامعة الأردنية. صاحب الوقفية رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري، الذي تبرع بمليون دينار لتأسيس الوقفية، ومؤسسته، يستحقان التكريم والتقدير، وكذلك 'الأردنية'، الجامعة الأم التي ستحتضن مركز منيب المصري للبحث العلمي وتعزيز قدرات الباحثين الشباب.
في المبادرة دلالات كبيرة، جاءت في وقتها؛ اسم مدينة القدس الذي حملته، في وقت تتعرض فيه المدينة المقدسة لهجمة صهيونية شرسة، لا تجد من العرب غير الأردن من يتصدى لها. وشخصية صاحب الوقفية؛ رجل بارز من رجالات فلسطين، وصاحب مواقف وطنية مشهودة حمل قضية شعبه، مثلما آمن بالأردن وتولى أمانة المسؤولية فيه، وزيرا في سبعينيات القرن الماضي. وفوق ذلك نوعية المبادرة، التي تحاكي تقاليد الدول المتقدمة؛ حيث توظف ثروات المقتدرين لخدمة المجتمعات، من خلال ثقافة الوقفيات التي نهضت على أساسها جامعات غربية عريقة، وتكفلت أموال الشركات بتحمل نفقات البحث العلمي، فحققت تلك الدول بفضلها معجزات علمية، تتمتع البشرية كلها بثمارها.
والوقفية أيضا تمثل عنوانا جديدا وعصريا للعلاقة الخاصة والمميزة بين الشعبين؛ فهي ستوفر الفرصة لأبناء فلسطين للدراسة في الجامعة الأردنية، بما يوثق الصلة مع أقرانهم الأردنيين.
ثقافة الوقفيات غريبة على مجتمعاتنا؛ قلة قليلة من رجال الأعمال العرب يؤمنون بها، والشعور بالمسؤولية الاجتماعية ينعدم عند أغلبيتهم.
صحيح أن هناك الكثير من الأغنياء ينفقون من أموالهم على أعمال الخير، لكنها في الغالب نفقات مهدورة لا تنتج معرفة راسخة كوقفيات الجامعات والبحث العلمي، وتلك المخصصة للإنفاق على أبحاث تطوير الأدوية أو الزراعة الحديثة، والحلول المبتكرة للنقل العام والتنمية المستدامة.
في الأردن، تكاد تنحصر مثل هذه المبادرات في حالات معدودة ومحدودة، مع أن هناك رجال أعمال يملكون من الثروات ما يمكنهم من الإنفاق على البحث العلمي في الجامعات الأردنية كافة. تكلفة حفل زفاف واحد كالتي تشهدها فنادق عمان الراقية نهاية كل أسبوع، تناهز أحيانا مبلغ المليون دينار الذي تبرع به منيب المصري لخدمة البحث العلمي.
أستطيع أن أسمي بعضهم، لكن في ذلك إحراج لهم؛ فهم كثر بيننا، ويعلمون أن جامعاتنا وشبابنا بحاجة إلى دعم لا تستطيع موازنة الدولة المتواضعة أن تفي به، وبمقدورهم أن يفعلوا أكثر من ذلك، مثل تأسيس جامعة غير ربحية متخصصة بالبحث العلمي، لخدمة قطاعات الصناعة الأردنية التي يملكونها؛ تستقطب المبدعين من الشباب الأردنيين، وتوفر لهم تدريبا وتأهيلا في مراكز وجامعات عالمية، يعودون بعدها للعمل في الجامعة.
ميزة الأردن بموارده البشرية. لكن هذه الميزة تفقد قيمتها إذا لم تتوفر لها حواضن الرعاية والدعم، وتتحول إلى عبء على المجتمع والدولة، كما هو حاصل حاليا مع أكوام العاطلين عن العمل من الشباب الجامعيين.
البحث العلمي يخلق ثروة، بل هو أصل الثروة ومفتاح التقدم في الدول الغنية. هل يتعلم رجال الأعمال في بلادنا من درس منيب المصري؟ ليتهم يقتدون.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو