الجمعة 2024-12-13 01:17 م
 

من يذكر هؤلاء!

11:11 ص

لن أنسى ما حييت آخر مكالمة هاتفية مع الكاتب المثقف الراحل امين شنار، وكان قد اتخذ قرارا لا رجعة فيه بعدم النشر، ليس بسبب افلاس ثقافي ومعرفي كما يحدث للبعض، بل لأن الرجل بلغ حدّ الاستغناء وعفّ عن طلب الاعتراف من اي طرف او جهة، وحين حاولت اقناعه بالنشر طلب مني ان اتذكر ما سمعته منه بعد ثلاثين عاما، وكان يراهن على ان التقدم في العمر والمعرفة ايضا يوصل المثقف الى قناعات قد يسيء الاخرون فهمها، كم تبدل الزمن وكم تغيّر مفهوم الثقافة والمثقف في عالمنا العربي خلال اقل من نصف قرن، فقد حلّت الشطارة بالمفهوم العربي التراثي مكان النزاهة ومن ادركتهم مهنة الادب ليسوا سواسية، لأن منهم من تشبث بالجمرة حتى حرقت اللسان والاصابع، ورحل وهو على قيد آدميته وضميره ومنهم من عاد من اول الطريق ظنا منه ان الثقافة لا تطعم خبزا وان هناك بدائل لها بسرعة الارانب لا ببطء السلاحف لكن هؤلاء ادركوا رغما عنهم وبعد فوات الاوان انهم ليسوا هنا وليسوا هناك وفقدوا المشيات كلها من مشية القرد الى مشية الثعلب والحمامة والغراب، وطواهم النسيان.اضافة اعلان

لم يكن امين شنار اول تلك السلالة كما ان جمال ابو حمدان ليس آخرها، سلالة ثقافية عفت عن مقايضات السراخس والطحالب والفطريات على اسطح المستنقعات، وحاولت قدر المستطاع الانسجام مع نفسها، من يذكر اليوم هؤلاء، تيسير سبول وبطل روايته عربي الذي لم يكن شاهد زور وغالب هلسا الابرز بين مثقفي جيله، ومحمود سيف الدين الايراني الذي كان رائدا بصمت، ان الموت احيانا يختبر ما تبقى لدى الاحياء من منسوب الوفاء او الخيانة، لهذا رجاء احذفوا من الذاكرة تلك المقولة الخرقاء والذئبية التي تقول ان الكلب الحي خير من الاسد الميت لأن الكلاب تنبح ولا تزأر!!!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة