الأربعاء 2024-12-11 06:42 م
 

مواطنون: فوز البترا أصبح نقمة لا نعمة علينا

06:39 م

الوكيل- مندوب البتراء - تحتفل المدينة الوردية اليوم بالذكرى الخامسة لتتويجها بلقب ثاني عجائب الدنيا السبع الجديدة، ما جعلها محط اهتمام محلي وعالمي، غير أن تنمية المدينة وتطويرها لا زالت تسير ببطء شديد.

ورغم مساهمة الفوز بتعزيز مكانة المدينة العالمية سياحيا، وإدراك الحكومة لأهمية البترا من خلال استحداث سلطة إقليم البترا التنموي السياحي في أواخر العام 2009، إلا أن العديد من السكان المحليين والمهتمين بالشأن السياحي يرون أن التغيير الذي جرى في المدينة لم يصل إلى حد الطموح، وأن عملية التنمية الشاملة فيها لا زالت تسير ببطء.اضافة اعلان


ويقر العديد من أبناء المدينة في لقاءات مع 'الرأي' أن المدينة حققت نموا في أعداد الزوار والإيرادات والدعاية السياحية، غير أن انعكاسات الفوز على المجتمع المحلي وواقع البنى والخدمات والاستثمارات لا زالت محدودة ولم تصل إلى المستوى الذي يليق بمكانة البترا.

رغم لفته لانظار السياح في شتى انحاء العالم، باعتباره إرثا حضريا فريدا أدخل البترا إلى قائمة التراث العالمي في (عام 1985)، وتوجها بلقب إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة قبل (5 سنوات) ، إلا أن الموقع الأثري في البترا لا يزال يئن تحت وطأة تحديات كبيرة دمرت أجزاء منه.



ويؤكد مراقبون في محمية البترا الأثرية رفضوا الكشف عن اسمائهم ، أن استمرار وجود العامل البشري في البترا بشكل عشوائي ومخالف من الأمور التي أسهمت بتهديد إرث البترا الحضري.

وأشار المراقبون إلى ان عمالة الاطفال والأسر التي تنتشر في المدينة بشكل كبير ووجود مئات الدواب التي تعمل بشكل مخالف من الامور التي دمرت بعض معالم المدينة وجعلت بعضها الآخر معرضا للخطر.

وبينوا أن درجي الدير والمذبح من المعالم الأثرية الفريدة التي تعرضت للدمار ولا زالت تعاني منه بسسب صعود الدواب عليها كل يوم لنقل السياح، إلى جانب أن انتشار عمالة الأطفال قد جعلت أدت إلى تدمير حجارة المدينة وواجهاتها، وبيعه للسياح على شكل حجارة صغيرة ملونة.

وأكد عدد من المراقبين، أنهم قاموا بكتابة مئات التقارير بحق المخالفين في الموقع الأثري غير ان الاجراءات المتخذة بحقهم ضعيفة، ما أدى إلى تزايد مخالفاتهم خلال الآونة الأخيرة.

وأضافوا: 'واقع المحمية الأثرية بقي يراوح مكانه منذ فوز البترا قبل (5 أعوام) والتطوير اقتصر عهلى جزء بسيط في الخدمات المقدمة للزوار ووضع اللوحات الارشادية.. والبترا اليوم كأنها لم تفز بإحدى العجائب.

ويعتبر الخبير في مجال السياحة نيازي الشبعان، أن البترا لم تستثمر بشكل صحيح بعد فوزها بإحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة، وأن التحديات التي تواجه الموقع الأثري بقيت تراوح مكانها.

ويلخص الشبعان أبرز التحديات التي يواجهها الموقع الأثري؛ بالنشاط اليومي غير المسؤول للعامل البشري داخل البترا، وما رافقه من تعد على المحمية وآثارها، وانتشار عمالة الأطفال واستخدام الدواب والرعي داخل المحمية.

ويبين أن البترا ومن خلال نشاط العامل البشري فيها، باتت مكانا للتسول، وان المشكلات التي كانت تعانيها قبل الفوز بإحدى العجائب لا زالت مستمرة، وأن كل يوم نتأخر به في حل هذه المشكلات يزيد من تعقيد المشكلات التي تعانيها المدينة، ويعرض إرثها بشكل أكثر للخطر.

ويشير إلى أن البترا وبعد فوزها بإحدى العجائب قد أخذت شهرة على حساب المنتج الذي يقدم للسياح، ودون الالتفات الجاد إلى ما يعانيه الموقع الأثري من تحديات.

ويتفق معه النائب عن لواء البترا سامي الحسنات، الذي يعتبر أن الموقع الأثري لم ينل نصيبا كافيا من الاهتمام بعد الفوز وأن التغييرات التي شهدها طفيفة، مبينا أنه 'تعرض لتدهور كبير جراء الاستخدام الجائر له'.

في حين يؤكد المهندس أبو الغنم، أن اقليم البترا الذي استحدث في (العام 2009) قد بادر بدراسة واقع التحديات التي تواجهها المحمية ووضع خطة شاملة للتعامل معها، مؤكدا أن المشكلات المتراكمة التي يعانيها موقع البترا الأثري بحاجة إلى مزيد من الوقت من أجل إيجاد الحلول الملائمة لها.

وأضاف، أن السلطة قامت بتطوير واقع الخدمات في المحمية الأثرية وهي لا زالت مستمرة بهذا الدور، كما عملت على ترسيم حدود المحمية الأثرية مؤخرا، وتشكيل لجنة لدراسة المنطقة العازلة بين المحمية ومحيطها، إضافة إلى ان تم تشكيل لجنة مشتركة لدراسة التحديات التي يعانيها الموقع الأثري لإيجاد الحلول لها.

واستعرض حزمة من الاجراءات والمشروعات التي سيتم تنفيذها حماية للإرث الحضري وبما يحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها سلطة إقليم البترا التنموي السياحي بالحفاظ على آثار البترا وتقديمها كمنتج سياحي وأثري عالمي منافس.

لم يكن حال محمية البترا الملف الوحيد الذي يراوح مكانه في منذ فوز المدينة بإحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة، رغم الآمال الكبيرة التي عقدها أبناء المجتمع المحلي على أن يسهم الفوز بحفز الاستثمار وجذبه للمنطقة.

'بقي الاستثمار يراوح مكانه فارتفعت اسعار الاراضي والعقار وبات فوز البترا نعمة لا نقمة عينا'.. بهذا الكمات يوصف النائب الحسنات حال البترا بعد الفوز.

وبقيت مقومات المنطقة وما تزخر به من أماكن طبييعة وسياحية دون استغلال حتى الآن، فتراجع أحد المستثمرين عن إقامة منتجع سياحي في أرض الدارة في المنطقة السياحية بسبب شروط عقد الاستثمار التي اعتبرها المستثمر مرهقة، فيما لم يشفع الفوز بتشغيل قرية ألجي التي لا زالت بلا استثمار منذ (عام 2003).

واقتصر الاستثمار في المنطقة حتى الآن على إقامة عدد محدود من الفنادق وتوسعة البعض الآخر وغقامة منشآت سياحية كالمطاعم ومحال بيع التحف وما شابهها، ما ادى إلى استمراية تقديم المنتج السياحي التقليدي، وعدم الخروج بأفكار جديدة تثري تجربة السائح وتطيل مدة إقامته في المدينة.

ويصف المدرس بكلية ادارة الاعمال والاقتصاد بجامعة الحسين عيسى الفرجات التقدم الاقتصادي الذي حققته البترا منذ فوزها بغحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة بالبطيء.

ويؤكد أن المنطقة لم تشهد منذ ذلك الحين أي استثمار حقيقي، وان واقع الخدمات السياحية والبيئة الداعمة للاستثمار لم تطور بكشل يعمل على جذب الاستثمارات للمنطقة.

ويبين الفرجات أن البترا بحاجة ماسة إلى الاستثمارات التي تعمل على تنويع المنتج السياحي وتسهم بإطالة مدة إقامة السائح، واصفا الاستثمارات السياحية بالمنطقة بالنمطية نتيجة عدم التنويع وضعف الثقافة الاستثمارية التي تقدم منتج جديد ومنافس.

ويضيف الفرجات: عدم الاهتمام بجلب الاستثمار إلى المنطقة جعل المنطقة حتى الآن تعتمد وبشكل أساسي على القطاع السياحي، في وقت اغفل فيه تفعيل قطاعات جديدة من خلال استقطاب استثمارات جديدة تعمل على تنويع مصدر دخل المجتمعات المحلية.

واعتبر الدليل السياحي هاني المساعدة، أن المنطقة لم تشهد أي تقدم حقيقي، وأنها باتت بيئة طاردة للاستثمار وليس جاذبة له بسبب عدم توفر البنية الجاذبة للاستثمار وغياب التخطيط عن هذا الجانب.

وأشار إلى انه حتى الاستثمار المحلي الموجود يعد استثمارا عشوائيا لأنه يعتمد على المشروعات الصغيرة التي لم تضفي بعدا مميزا على التجربة السياحية في البترا.

وأكد ان الاستثمار الذي تريده البترا، هو الاستثمار الذي يعمل على استغلال مقومات المدينة ويحيي المناطق ذات الميزات السياحية والطبيعية، متسائلا عن دور مفوضية البترا ومفوض السياحة والاستثمار في هذا المجال.

من جانبه قال المهندس أبو الغنم أن هناك قرارا لمجلس مفوضي السلطة بتقديم كافة التسهيلات ووفقا لأحكام القانون لأي مستثمر يرغب في إقامة مشروع في المنطقة، وان المخطط الشمولي لمناطق البترا الذي سيتم العمل به قريبا سيضع خارطة طريق للاستثمار ويقدم (18 رؤية استثمارية).

واقع البنية التحتية

يكاد يجمع أبناء المجتمع المحلي أن واقع البنية التحتية في المنطقة أفضل حالا من الكثير من المدن الأردنية الأخرى، غير أنه لم يرقى حتى الآن لمكانة البترا العالمية، بدليل عدم تكامل بنية الشوارع وانتشار الحفر والمطبات ونا تعانيه وادي موسى من أزمات مرورية.

ويرى النائب الحسنات ان البينة التحتية التي تتمتع بها مناطق البترا جيدة إذا ما قورنت ببنية المناطق الأخرى، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المنطقة تطمح بمزيد من التقدم في هذات المجال كونها تمثل البوابة السياحية للمملكة امام السياح القادمين من شتى دول العالم.

في حيث يتعتبر معه محمود المشاعلة مدير أحد مكاتب السياحة والسفر، أن التقدم الذي شهدته المنطقة في مجال البنية التحتية بعد فوزها بإحدى العجائب طفيف ودون المستوى المتوقع.

ويضيف: توقعنا بأن تشهد المنطقة بعد الفوز نهضة وتطورا في مجال البنى والخدمات، غير أن ذلك لم يتم بشكل كاف حتى الآن.

ويبين المهندس أبو الغنم أنه إقليم البترا ومنذ استحداثه عمل على تطوير واقع البنى والخدمات من خلال فتح وإعادة تاهيل الشوارع في عدد من مناطق البترا، وتزويد المنطقة بالجدران الاستنادية والعبارات الصندوقية والاطاريق وتجميل وسط المدينة.

ويؤكد أن السلطة مقبلة على تنفيذ مشروعات كبرى في مجال البنية التحتية وأهمها؛ إقامة مدخل وادي موسى وشارع قلاع طوال (بانوراما سحر البترا)، إلى جانب أنها على وشك الانتهاء من مشروع مركز زوار البترا الجديد الذي يعتبر مشروعا للبنية التحتية الداعمة للسياحة.

وجدد حرص السلطة على مواصلتها بتنفيذ المشروعات التي من شأنها تحسين واقع البنية التحتية والخدمات في مختلف مناطق البترا، بما يتلائم ومكانة المدينة السياحية العالمية.

قصر المؤتمرات.. وعد حكومي لم ينجز

اعلنت الحكومة (عام 2007) عزمها على بناء قصر للمؤتمرات في مدينة البترا لتصبح مركزا متقدما لسياحة المؤتمرات والتفاعلات الحضارية في المنطقة.


هذا الوعد الحكومي الذي لقي ترحيبا واسعا من قبل ابناء المجتمع المحلي والفعاليات السياحية في ذلك الوقت لم يتم حتى الآن.





ماذا جنينا من الفوز؟

لاقت مدينة البترا اهتماما حكوميا بعد فوزها بإحدتى عجائب الدنيا السبع البترا من خلال استحداث مفوضية إقليم البترا التنموي السياحي (عام 2009) بصلاحيات واسعة وقانون جديد وميزانية مرتفعة، فيما بقيت انعكاسات الفوز محدودة على أبناء المجتمع وفقا للنائب الحسنات.



ويشير الحسنات إلى أن المنطقة قد حققت زيادة في أعداد السياح والدخل السياحي بعد الفوز تباينت نسبته من عام لعام بسبب تأثيرات الظروف السياسية على السياحة، الامر الذي قابله ارتفاع في الأسعار والأراضي والايجارات وكلف العيش..



اما عبد الرحمن النصرات أحد العاطلين عن العمل من حملة درجة الماجستير، فيرى أنه لم يتحقق أي انجاز حقيقي في البترا بعد الفوز، سوى ارتفاع اسعار الاراضي والايجارات..



ويضيف: 'عدم انعكاس الفوز علينا، وعدم إقامة أي استثمار حقيقي يوفر فرص العمل لأبناء المنطقة جعلنا نشعر بأننا لا نعيش بإحدى عجائب الدنيا السبع، زادت نسب البطالة، وبقيت البترا وسكانها يراوحون مكانهم دون تقدم حقيقي..'.



ويتفق معه محمد الهلالي صاحب استثمار سياحي، قائلا: 'تحول فوز البترا إلى نقمة لا نعمة علينا، وضربنا بحجر كبير جراء نظرة الآخرين لنا على أننا مجتمع نستفيد من السياحة وعلى أن الفوز قد حقق لنا شيء..'.



ويقر الهلالي بأن فوز البترا بإحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة يعد بحد ذاته انجازا، غير أن ما تلا ذلك من سياسات تمارس في المنطقة وغياب رؤية التطوير وافتقار البترا إلى أشياء كثيرة من شأنها تحفيز السياحة كالمطار وقصر المؤتمرات، أمور أبعدت ألق العجائب عن المدينة.

البترا مسؤولية الجميع

وقوف الأردنيين إلى جانب مدينتهم الوردية، وجهودهم التي ساهمت بتتويجها بالمركز الثاني في مسابقة إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة قبل خمس اعوام من الآن انجاز حقيقي، وضع الأردن على مكان متقدم من خاطرة السياحة.

ان المحافظة على هذا الانجاز الأردني وغعادة الألق لمدينة البترا التي تعتبر واجهة الأردن الحضارية، يتطلب من الجميع كل في موقعه الوقوف إلى جانب هذا الصرح الحضاري الذي حبا الله فيه الوطن.

فالبترا التي حافظ عليها اهلها الاوائل واستمر الكثير منهم بالحفاظ عليها، تبحث وهي تستذكر يوم تتويجها كاعجوبة عمن يعيد لها ألقها، نظرا لكونها الوجهة الاولى للسياحة في المملكة، ونتيجة ما ستشكله السياحة على اقتصاد الأردن والأردنيين حين تعزيز الاهتمام بوجهتها الأولى.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة