الجمعة 2024-12-13 06:12 م
 

موسكو – تل أبيب: أزمة عابرة أم قواعد اشتباك..جديدة؟

10:28 ص
يكفي أن يُطالِع المرء عناوين بعض الصحف العربية ذات الهوى المُتصهيِن،وأن يُشاهد مُقدِّمات وإيحاءات نشرات فضائيات تتماثل مع هذا»الصنف»من الإعلام المتصهين،وخصوصاً لجهة تحميل «النظام» السوري مسؤولية إسقاط طائرة»إيل20»الروسية،فيما»سارعت»موسكو الى تحميل تل أبيب المسؤولية الكاملة عن عملية غادرة كهذه، وكأن هؤلاء يُبرِّئون إسرائيل من هذا العدوان المقصود.حتى يكتشف المتابِع لتداعيات هذا»الحدَث»الذي سيكون له ما بعده بالتأكيد،أن العدوان الإسرائيلي على ضواحي اللاذقية السورية وتوقيته غير البريء (لتكون الطائرة الروسية في الجو لحظة القصف الصهيوني، وعدم إبلاغ قيادة القوات الروسية في حميميم عبر الخط الساخن إلاّ دقيقة واحدة قبل ذلك،ودائماً في أن العربدة الإسرائيلية الموصوفة) جاءت بعد ساعات معدودات من»إعلان سوتشي»الذي وضع ولأول مرّة جدولاً زمنياً مُحدّداً ومُلزِماً وقَّعه وزيرا الدفاع الروسي والتركي,بعد قمة حاسمة بين بوتين وأردوغان،أن حكومة العدو الصهيوني ارادت إيقاع خلاف بين موسكو ودمشق علّه يتطوّر ويتصاعد – في رأي نتانياهو – ليصل إلى»طلاق بائن»بينهما،يسمح بإحياء مشروع إسقاط الدولة السورية الذي بات من الماضي،وبخاصة بعد ثلاث سنوات (30 أيلول 2015)من الإنخراط الروسي المباشر في الأزمة السورية،والذي كان هدفه الرئيس إفشال ولجم الحرب الكونية في سوريا وعليها وهو ما تحقّق فعلاً،وإن كانت قوى مثل تركيا وبعض العرب وخصوصاً أميركا وإسرائيل،ما تزال تُراهن – وإن بيأس - على حدوث مُعجزة ما،تُفْشِل المسعى الروسي وتأخذ موسكو الى مستنقَع شبيه بالمستنقع الأفغاني الذي تورّط فيه الاتحاد السوفياتي السابق.اضافة اعلان


ما علينا..

لا يُدرِك هؤلاء وغيرِهم،ان روسيا عندما جاءت الى سوريا بطلب من حكومتها الشرعية،لم تكن في صدد كبح اسرائيل أو الإصطفاف المُباشِر في محور المقاومة والممانعة،وإن كانت لا تُخفي قربَها منه ولا ترى في بعض أطرافه كحزب الله...تنظيمات إرهابية،وهي ايضا تُدرك بعمق حجم الصراعات والتنافس المحموم بين القوى الاقليمية وبخاصة بين طهران وتركيا (دع عنك بعض العرب،الذين اثبتت الاحداث ووقائع ويوميات مرحلة الربيع العربي البائسة،ان ادوارهم ثانوية وغير مؤثِّرة وتفتقِد اي بُعد استراتيجي، في مقارباتهم للازمات التي عصفت بدول عربية عديدة، بل عقلية»الثأر»وتصفية الحسابات،هي ما يُحرِّكها وينظم خطواتها المرتبكة).

كذلك لم تكن موسكو عندما جاءت الى سوريا،معنِية برفع مستوى خلافاتها العاصفة مع ادارة ترمب وحزب الحرب في واشنطن,بعد الاتهامات المركّزة لهؤلاء حول التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأميركية،وخصوصاً بعد عام واحد على عودة شبه جزيرة القِرم الى الوطن الأم(2014)ومسارعة واشنطن الى فرض عقوبات قاسية ومتدحرجة على روسيا،ما عنى – ضمن امور اخرى –ان موسكو حريصة على عدم جعل سوريا ساحة مواجَهة عسكرية منفلتة مع واشنطن،المنخرطة بحماسة في الحرب في سوريا وعليها،عبر دعمها للمجاميع الإرهابية وافتضاح ادعاءاتها بأنها تحارب الارهاب،عندما شكّلت تحالفاً بزعم مُحاربة على الإرهاب،وكان ذلك قبل الانخراط الروسي المباشر في سوريا.

نحن إذاً أمام مرحلة جديدة،اسهمت اسرائيل بسوء قراءة وبؤس تحليل وتخطيط في التأسيس لها،عندما فشلت في تحقيق الاهداف التي سعت اليها عندما جعلت الطائرة الروسية»لغماً»كي ينفجر في العلاقات الروسية السورية،الامر الذي جاء على عكس ما رسمت دوائر التخطيط الإستراتيجي في دولة الارهاب الصهيوني،ودليل ذلك السرعة التي كشفت فيها وزارة الدفاع الروسية ما حصل وإعلانها المباشر والصريح ان المضادات»السورية»هي التي اسقطت الطائرة الروسية,لكنّها حمَّلت اسرائيل المسؤولية الكاملة عمّا حصل,مُؤكِّدة –وهذا لا يصدر عن موسكو إنفعالاً او ردود فعل غير محسوبة –انها تحتفظ لنفسها بحق الرد.

ادرك نتانياهو وأركان حكومة العدو ان اللغة والمصطلحات التي استخدمتها موسكو وبخاصة ما صدر عن وزارة الدفاع الروسية، ما كانتا لتصدرا إلاّ بعد تنسيق كامل مع الكرملين وموافقته على كلمة في البيانات والخرائط والشروحات التي تلاحقت.وجاء تأكيد ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الروسي مع رئيس الوزراء المجري عندما قال:ان كل ذلك تم بِـ»عِلمي».لهذا لم تقم حكومة اليمين الفاشي باستدعاء السفير الروسي في تل أبيب رداً على استدعاء نائبة السفير الصهيوني في موسكو من قِبل وزارة الخارجية الروسية.وهي في الوقت نفسه اعلنت «تمسّكها» بآليات التنسيق العسكري مع قيادة القوات الروسية في حميميم.وما تزال الدوائر المعنية فيها،»تُحْلّل»ما وراء إعلان الرئيس بوتين بأن بلاده»ستتخذ إجراءات لزيادة أمن الجنود الروس في سوريا،مؤكِّداً:أن هذه الإجراءات سيُلاحِظها الجميع.

«الجميع»المقصود هنا هي...إسرائيل،ما يُؤشِّر إلى أننا أمام قواعد اشتباك جديدة،ستُحدّدها موسكو وحدها،وليس مجرد أزمة عابرة قد يستخلصها البعض من عبارة بوتين،التي وَصَفَ ما حدث بأنه»سلسلة لظروف عَرضِية.. مُؤسِفة».

الأيام ووسائل الإعلام الصهيوني ..ستروي.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة