السبت 2024-12-14 09:22 م
 

موقعة الدرج

12:49 م

طالبان التقيا عند مطلع درج إحدى الكليات في جامعة اليرموك، 'حَرك رجلك عشان أمُرْ' الطالب الأول.. نظرة فإشارة فسباب.. الطالب الثاني، وحصل ما حصل من تلاسن أدخل الجامعة برمتها في حرب ضروس نتج عنها عشرات الإصابات وتدمير سيارات تعود لأساتذة وطلبة داخل الجامعة والاعتداء على قوات الأمن ومركباتها.. ونتج عنها أيضا تدنيس (الحرم) الجامعي بأسوأ ما يمكن أن يتخيله الإنسان من غباء.اضافة اعلان


(الحرم).. إذن ذلك الذي لم يعترف به طلبة في اليرموك الذي كان أحد حواضر الثقافة والإبداع في المملكة على مدى ثلاثين عاما وأضفى على الشمال ومدنه حياةً أخرى، بعد أن كانت مجرد قرى تفتقر لمدارس جيدة ويعاني أهلها من غياب الأبناء وحرمان البنات من التعليم بسبب الغربة إلى عمان وجامعتها الكبيرة.

ذلك الحرم اليرموكي.. هو من حفظ لإربد والرمثا والحصن والصريح ومئات القرى لأن ترى أبناءها طلابا جامعيين بأفضل مستويات التعليم ومن ثم أساتذة وموظفين في الجامعة ودوائرها وهو الذي حقق لكل من يحيط به مساحات شاسعة من العمل والنجاح الاقتصادي.

هي نفسها اليرموك التي كادت تُخرج (الأردنية) على طورها غيرةً من حجم نشاطاتها ومبادراتها وملتقياتها وريادة أفكارها.. هي ذاتها التي حدثت بها موقعة الدرج.

لم يتغير الناس.. هؤلاء المتبطحونَ على أدراج اليرموك وفي أزقتها هم أبناء آخرون مشوا في فضاءات اليرموك طلبا للعلم وبحثا عن فرصة أفضل تُحسن من مستوى حياتهم، درسوا الآثار والإعلام والفنون وحرصوا على تناول الإفطار (بسعره الزهيد) في القرية الإنجليزية وجلسوا في الجمنازيوم المَهيب يراجعون مواد الكمبيوتر الصعبة ويتخرجون، ويغيرون شكل حياتهم.. لم يتغير شيء في المشهد المستمر منذ ثلاثة عقود، ما تزال الكليات هي هي، والكوادر الأكاديمية لعلها لم تتغير، وما تزال أقواس البوابة الرئيسية شامخة كما كانت منذ يومها الأول محتضنة ذلك الشعار الدافئ الذي حفظناه عن ظهر القلب ورحنا نرسمه على أوراق الدوسيهات والملازم.

تغير أيضا.. فن الحوار تلاشى وذهب مع ريح الشمال بدون عودة، وحل جدل الطرشان بين الأب وابنه أولاً وأستاذ الجامعة والطالب ثانياً وبين الطالب وزميله ثالثاً وعاشراً، كدنا ندخل في زمن غاب من نوع آخر، تعلو فيه أصوات المسدسات المُعلقة على أحزمة طلبة لا يرون في طريقهم إلى خيال خطواتهم المتسارعة، وتعلو فيه الشتائم والملاسنة ولغة العضلات المفتولة المزهوة (بالتاتوو) التي تشحذ قوتها من عيون الطالبات المذهولات بالمشهد واللحظة!!

تغيرت هيبة الجامعات وغابت، وأصبحت أقل واسطة وكفيلةً بإعادة طالب كاد أن يُعاقب بعد أن اعتدى على زميل وتسبب في حرب جامعية، وتساهلت مجالس العمداء وأصبحت القرارات أكثر (طراوة).

تاه كل شيء وبقيت ظواهر الجهل والتخلف، وعَلت مُركبات النقص، وعُقد التربية لتسودَ المشهد ليس عند درج اليرموك العظيمة التي صنعت رجالا كبارا، ولكن عند أدراج الجامعات وأزقتها التي تسجل كل يوم موقعة حربية جديدة!!

[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة