يكاد يمتلئ سوق العمل بالسوريين الذين تجدهم في كل مكان ، من ورش العقار والنجارة والحدادة الى صالونات الحلاقة ، وفي تجارة التجزئة حيث بدأوا بنجاح في فتح محلات عطارة ومطاعم وحلويات يقبل عليها جمهور واسع من المستهلكين .
وكل هذا لا يثير بين الاردنيين الا علامات التعجب المقرونة أحيانا بالتذمر من غلاء المعيشة وانتشار البطالة بين صفوف عشرات الاف الشباب ، خمسون ألفا منهم يرسبون بالتوجيهي كل عام وخمسون ألفا يتخرجون من الجامعات .
الواقع ان نجاح الوافدين واللاجئين في خلق فرص العمل بالتجارة والمهن يكشف عن عيوب كبيرة في المجتمع الاردني . اولها أننا مجتمع غير منتج لا يقدر قيمة العمل والإنتاج في نهضة الامم والشعوب ، وهذه لم تكن من صفات الاردنيين قبل جيل وجيلين ، كانت الناس تزرع وتحصد ما زرعت ، يختلط في المجتمع المزارع والتاجر والمهني والموظف والجندي في بيئة اجتماعية تحترم العمل ولا تعيبه اوتنتقص من قيمة صاحبه ، وعندما كان أحدهم يريد بناء. سقف بيته الجديد ( الصبة ) كان جميع الرجال من جيرانه يجتمعون لمساعدته في العمل .. هي صورة بسيطة من صور العمل المجتمعي في الماضي القريب اقدمها كمثال يعبر عن احترام العمل وعن المفاهيم التي كانت سائدة في المجتمع في بدايات تكوين الدولة واقتصادها ومجتمعها .
لقد تدهورت قيم العمل والإنتاج بعد تدفق الثروة المفاجئ في منتصف السبعينات فتحول الاردنيون الى الاعتماد على الوافدين في الزراعة وإنتاج الخبز واللحوم ، ثم انسحبوا من ورش العمل المهني وتراجعت المبادرات في فتح تجارة او صناعة في المشاريع الصغيرة . بالمقابل تحولت الدولة وقطاعها العام الى مركز توظيف متخم بالموظفين الساعين خلف ( الراتب ) والتأمين الصحي . ومع ان هذه الرواتب تكفي فقط لسد الرمق إلا انها احتلت الأفضلية وحولها تدور المنافسات بالواسطة وغيرها وتركت نشاطات ومهن اسواق العمل الخاص والحر الى الوافدين والعابرين الذين أدت كثرتهم الى تخفيض أجرة العمل .
هذا التحول ادى الى تغير كبير في منظومة قيم العمل والإنتاج وتغيرت وتبدلت وظيفة الدولة من التركيز على بناء المجتمع المنتج ، الى التركيز على الاقتصاد الموجه من خلال الضرائب التي تؤمن الدخول مع تكديس الموظفين في القطاع العام . وفي ظل هذه البيئة تراجع طموح الشباب نحو خوض غمار العمل في القطاع الخاص والسعي الى دخول أعلى .
لقد سعت الحكومات المتعاقبة منذ اتفاقية صندوق النقد الدولي قبل عقدين الى التحول نحو اقتصاد السوق وتقليص دور القطاع العام من خلال الخصخصة وتشجيع الاستثمار ، وقد سجلت هذه التحولات نجاحات كبيرة لكن لم يرافقها بقدر فاعل وكاف تركيز على بناء ثقافة العمل والإنتاج واحترام قيم العمل وهي ثقافة يفترض ان تنشأ بداية في المدارس والجامعات .
ومع ان ثقافة العيب من العمل اليدوي والمهني تراجعت بين صفوف مجتمعنا الا ان ثقافة الإنتاج والإبداع واكتساب عادات العمل وأساليب التجارة لم تتقدم الا خطوات بسيطة . وهنا لا بد من الإشادة بآلاف الشباب الجامعي والتعليم المتوسط الذين يعملون في الفنادق والمطاعم انهم رياديون ومكانتهم افضل بكثير ممن يتقاضون رواتب في بطالة مقنعة ، او لا يكسبون أي دخل بانتظار وظيفة مكتبية معتمدين على أخذ ( المصروف ) من الأب الى ان تأتي ليلة القدر بالوظيفة التي قد لا تأتي .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو