الأربعاء 2024-12-11 09:41 م
 

نحن وترامب و«الله يستر» !

06:35 ص

إذا كان دونالد ترامب يعتقد أن بلجيكا قرية صغيرة في إحدى الدول الاوروبية، وإذا كان لا يعرف شيئا عن المعارضة السورية، وإذا كان يرى أن من حق روسيا أن تبقي على بشار الاسد، وتحافظ على نظامه، وأيضا، وإذا كان يعتقد أن الشرق الاوسط هو اسرائيل، وكان تعهد بنقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس، ثم وإذا كان مستشاره، الذي ملأ صدره بالأحقاد على الاسلام والمسلمين هو وليد فارس، الذي «كنْتَ» قد عرفت شيئا عنه وعن إنعزاليته، وعن اعتباره أن المسيحيين ليسوا عربا، وان لغتهم ليست العربية، و»كنْتَ» عرفت انه حاول بالتعاون مع سعد حداد، ولاحقا مع «أنطوان لحد» إنشاء دولة في جزء من الجنوب اللبناني، بحماية اسرائيل، إذاً فـ»ابشر بطول سلامة يا مربع»!!اضافة اعلان


هناك من يقول ان القرارات الـ «استراتيجية»، والعياذ بالله من هذا المصطلح البائس الذي لا يستعمله، وبخاصة في هذه الايام «إلا العرب»، في الولايات المتحدة ليست في يد الرئيس ترامب ولا غيره، وإنما في يد المؤسسات المعنية في الدولة، وهذا في حقيقته، إن هو صحَّ بالنسبة لبعض المسائل، فإنه لا يصح في مسائل كثيرة، والدليل هو ما كان فعله جورج بوش (الابن) بغزوه للعراق، ذلك الغزو الذي ترتبت عليه كل، وليس ربع، المآسي التي نراها الان، وأخطرها هو هيمنة ايران على العراق وسوريا وعلى اليمن ولبنان، وسعيها الدؤوب للوصول الى دول عربية أخرى، وهو ما فعله هذا الـ»اوباما» الذي «سحّجنا» له في البدايات حتى «أُدميت» أكفنا، لكنه ما لبث، حتى قبل استكمال سنوات ولايته، أن أثبت أننا كنا نراهن على حصان خاسر، إن بالنسبة للقضية الفلسطينية، وإن بالنسبة للازمة السورية، وإن بالنسبة لفتح ابواب هذه المنطقة للايرانيين من خلال اتفاقية النووي سيئة الصيت والسمعة.

وأيضا فربما أن هناك من يقول أن حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر، وأنه «تفاءلوا بالخير تجدوه»، وأنه لا تجوز الأحكام المسبقة، وحقيقة أننا إن نحن تشاءمنا أم تفاءلنا فإنَّ هذا لا يغير في واقع الحال ولو بمقدار بذرة خردلة» فالولايات المتحدة، التي يجب ان نبقى نتمسك بصداقتها والاقتراب منها، لأنه لا بديل لها ولا لنا غيرها، لا علاقة استراتيحية لها في هذه المنطقة إلا علاقتها مع اسرائيل، والباقي هو مجرد منافع آنية، وهذا ينطبق حتى على العامل النفطي، الذي لا يزال يعتبرعاملا رئيسيا في العلاقات العربية الاميركية.

قبل ايام كنت في لقاء مع احمد ابو الغيط امين الامين العام للجامعة العربية، ومع اثنين ممن كانوا احتلوا هذا الموقع نفسه، وهما عمرو موسى ونبيل العربي، وكانت نصيحتهم أن علينا ألا نستعجل الامور، وأن كلام الانتخابات بالنسبة للرئيس الاميركي الجديد المنتخب هو غير كلام المقعد الرئاسي في الببيت الابيض، وحقيقة أن هذا فيه مقدار كبير من الصحة، لكنه إذا كان قد انطبق على رؤساء اميركيين سابقين، فإنه قد لا ينطبق على هذا الرجل، الذي لا يعرف عن اوروبا شيئا، والذي لا يرى ضرورة لاستمرار حلف الاطلسي، وذلك رغم ان حلف وارسو في عهد فلاديمير بوتين بات ينهض من جديد، وإنْ بصورة اخرى وباسم آخر، والذي قد يأخذ مواقفه ومواقف إدارته بالنسبة للعرب والشرق الاوسط من هذا الانعزالي «وليد فارس» صاحب الماضي الذي من المفترض أن الذي يصنعون سياسات بلدانهم يعرفونه معرفة اكيدة.

في كل الاحوال، إننا لا نملك إلا الانتظار، والمزيد من الانتظار الذي «أدمناه» خلال عقود طويلة، لكن ومع ضرورة هذا الانتظار فإنه يجب ان لا نغرق في بحور الأوهام والتقديرات الخاطئة، فانتخاب هذا الرئيس المنتخب، الذي عارض ترشحه للانتخابات حتى كبار رموز الحزب الجمهوري، جاء كدلالة على أن العالم الغربي كله، مثله مثلنا وأسوأ، آخذ بالاتجاه والتحول نحو اليمين، ولهذا فإنه علينا منذ الآن وفي حين أنه ليس أمامنا أي خيار إلا خيار الصبر، أن نقول «الله يستر»!!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة